للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الذي يحتاج لإيضاح. . .

ولا مراء في أن ولا مراء في أن جورج برنردشو هو أعظم مسرحي عرفه العالم في العصر الحديث، وأكثر النقاد على أنه من أعظم مسرحي التاريخ، ثم هو رجل تدين له اللغة الإنجليزية بفضل كبير. وهو في الوقت نفسه من أكبر كتابها حيث لا ينازعه المرتبة الأولى إلا واحد أو اثنان من أساطين كتبها. . . وقد استطاع شو أن يجعل اللغة الإنجليزية الفصحى معيناً لا ينصب من اللغة العامية، وهو يعتبر هذه اللغة ضرورة لا غنى عنها للكمال المسرحي خصوصاً لشخصيات الرعاع والغوغاء التي يصرح أنه أن أنطقها بالإنجليزية الفصحى التي لا تعرفها ولم يسبق لها أن لهجت بها فأنه يجافي الواقع وينافر الطبع ويقلق الذوق المسرحي، ولذلك تراه في عدد كبير من رواياته، خصوصاً في ملاهيه المرحة، يرسل حديث أحد أبطاله الرئيسيين بالعامية من أول الرواية إلى آخرها، كما في ملهاته كانديد حيث لا يتكلم برجس إلا بالعامية؛ وكما في روايته: (هداية الكبتن براسبوند)، حيث لا يتكلم البطل درنكووتر إلا العامية كذلك. ولو أرنا ضرب الأمثال من روايات كتاب آخرين يرتفعون إلى مستوى شو لما أعوزنا ذلك. على أن الكاتب الإنجليزي سويفت كان أول من تولاه القلق على ضياع العامية الإنجليزية، ولذلك أنشأ مجموعته الفاخرة منها، والتي تعد اليوم معيناً لا ينضب لإمداد الإنجليزية الفصحى بما تفتقر إليه من ألفاظ قد لا تستطيع نحتها فتفضل استعمال المرادف العامي من أن تأخذ عن اللغات الأجنبية مع أنها لا تأبى أن تصنع ذلك. والحقيقة أننا نغلو غلواً لا معنى له في استهجان لغتنا العامية واستقباح استعمالها مع أنها كنز لم نعرف قيمته بعد نستطيع أن نسعف منه العربية الفصحى بما لم تسعفه به بدواتها الأولى التي حرمتها من كثير من مقومات الحضارة

وقصارى القول فيما ينبغي أن تكون عليه لغة المسرح المصري هو وجوب استعمال العربية الفصحى استعمالاً مطلقاً في الروايات المترجمة، واستبقاء اللغة العامية لبعض شخصيات الملاهي ليمكن خلق الجو الكوميدي المرح، كما يجب استبقاء اللهجات العربية الفكهة التي أشرنا إلى بعضها في مجرى الحديث لتساعد في خلق هذا الجو. . . وإن كان رأينا هو أن تقوم الملهاة على موضوعها لا على نكاتها وشتائمها كما هو شائع عندنا اليوم.

<<  <  ج:
ص:  >  >>