والاكتفاء بالنتيجة هنا أقرب وأجدى من متابعة الأقوال الفاشية والعقائد الفاشية والتعليقات الفاشية التي ملئوا بها المجلدات الضخام على غير طائل
فالنتيجة أن الفاشية ما تكن قط جبيرة لخلق مهيض، ولم نعلم جباناً واحداً كيف يصبح من الشجعان وذوي البسالة والمفاداة
فبعد تربية طويلة تبتدئ من الخامسة إلى العشرين لم يزل الجبناء الأولون على جبنهم القديم يفرون من الميدان بعد الصدمة الأولى، وقد يفرون منه قبل اللقاء
فالحركة الفاشية مفلسة في العقيدة التي تجبر كسر النفوس أو تبعتها من جديد في حياة جديدة، وهي لا تزود أصحابها بشجاعة أدبية أو شجاعة عسكرية، ولا تبث فيهم الإيمان الذي يغلبون به الجبن ويأنفون من عار الفرار
لأنها عقيدة تليق بالحيوان ولا تليق بالإنسان
أو لأنها عقيدة ترجع بالإنسان إلى الوراء وتلغي ما عمل لنفسه أو عملته له الطبيعة عشرات الألوف من السنين
فهي عقيدة قائمة على تقديس السلطة الفردية، وتقديس القوة المادية التي تشبه القوة الحيوانية، وكلاهما شوط تجاوزه الإنسان منذ أجيال، ولم يتجاوزه عبثاً ليعود إليه بعد هذا الطواف الطويل
بل نحن نؤمن أن تقديس السلطة الفردية لم يوجد قط في أبعد العصور الهمجية فضلاً عن عصور الحضارة والنور
لأن السلطة لم تقم قط على إرادة فرد من الأفراد باعتباره فرداً من الأفراد، وإنما كانت تقوم على إرادته لأنه يمثل إرادة الأرباب التي تؤمن بها الشعوب، وكان الكهان هم الذين يترجمون الإرادة الإلهية فتصبح هي إرادة الشعب من هذا الطريق
فالسلطة الفردية - حتى في أبعد العصور الهمجية - لم تكن خلوا من الاعتراف للأفراد بحرية اختيارهم لمن يحكمونهم، وهي - أي السلطة الفردية - خليقة من أجل ذلك أن