ومن وقف في وجه التيار أضاع الحق وأضاع القوة المادية معه، إذ ليس في الأرض قوة مادية تقاوم التيار الذي تندفع به طبائع الأشياء.
ومن مبادئ السخف التي يبشر بها (الفلاسفة) الفاشيون أن الإخاء العالمي خرافة لا يرجى لها تحقيق، وأن الحقيقة التي قامت ولن تزال قائمة في كل زمان هي سيادة شعب على سائر الشعوب
والعجب أن سيادة شعب على سائر الشعوب هي الخرافة التي لم تصدق قط في زمن مضى، ولن تصدق يوماً في زمن مقبل؛
والناس لا يملكهم واحد ... مهما علا في ملكه واستطال
كما قلنا في أعقاب الحرب الماضية متخذين العبرة منها ومن حوادث التاريخ التي تقدمتها. وأن العبرة بهذا كله لأولى أن تتخذ من حوادث الحرب الحاضرة والحوادث التي تليها، ولما تزل في عالم الغيب
فالعالم لم يحكمه المصريون كله، والرومان لم يغلبوا قرطاجة حتى تصدى لهم من الشرق من ينازعهم، ثم تصدى بعضهم لبعض فانقسموا على أنفسهم. وهكذا حدث لمن بعدهم حينما ظهرت في العالم قوة تنذر بالسيادة عليه
فالسيادة العالمية هي المذهب الذي شاخ ولم يثبت له وجود
والإخاء العالمي - أو على الأقل تمرد العالم على الخضوع لحكم واحد - هو المذهب الصادق الذي سبقت به البشائر وآذن في هذا العصر بمولود مرتقب
نعم إن الإخاء العالمي كلمة قديمة، ولكن الوحدة العالمية لم تصبح حقيقة من الحقائق الملموسة قبل هذا الجيل
ففي هذا الجيل الذي نحن فيه تقاربت أجزاء العالم حتى تسنى لمن في الشرق الأقصى أن يسمع من في أقصى المغرب بإدارة لولب
وفي هذا الجيل تم السفر من أطراف العالم إلى أطرافه في أقصر من الوقت الذي كان أبناء القطر الواحد يسافرون فيه من إقليم إلى إقليم
وفي هذا الجيل أوشك الناس أن يتعاملوا بعملة مشتركة وأن يعتمدوا على سوق واحدة أو