للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أوهنت عزمي وهو حملة فيلق ... وحطمت عودي وهو رمح طراد

ويقول:

يا دهر فيم فجعتني بحليلة ... كانت خلاصة عدتي وعتادي

إن كنتَ لم ترحم ضناي لبعدها ... أفلا رحمت من الأسى أولادي

ولكنه بعد أن يذيب قلبه حسرات عليها يعود فيرضى بقضاء الله الذي لا مرد منه ولا محيص عنه فيقول:

كل امرئ يوماً ملاق ربه ... والناس في الدّنيا على ميعاد

أما الطغرئي فكان على إكثاره من القصائد غير مرتفع إلى مستوى البارودي في مرثيته الخالدة. وإذا كان الطغرائي هو شاعر الشكوى من الزمان، فلم يستطع أن يكون بحق شاعر الرثاء. وأحسن أبياته في رثاء زوجته قوله:

إن ساغ بعدك لي ماء على ظمأ ... فلا تجرعت غير الصاب والصَّبِر

وإن نظرتُ من الدنيا إلى حسن ... مذ غبت عني فلا متعتُ بالنظر

صحبتني والشباب الغض ثم مضى ... كما مضيت فما في العيش من وطر

سبقتماني ولو خيرت بعدكما ... لكنتُ أول لحاق على الأثر. . .

وقوله:

وا بؤس منفرد عمن يضاجعه ... مشرد النوم بين الأهل والمال

يزيد حر حشاه برد مضجعه ... ويملأ القلب شجواً ربعه الخالي

يبكي ويندب طول الليل أجمعه ... فلا يقر ولا يهدا على حال

هذه خواطر أملتها عليَّ قراءتي لديوان (أنات حائرة) الذي نظمه عزيز أباظة الشاعر لذكرى زوجته. ومن حق ناظمه الكريم - بعد تعزيتنا له - أن يفاخر بأن ديوانه الجديد هو أول ديوان في الشعر العربي يعمل برمته في رثاء زوجة.

محمد عبد الغني حسن

<<  <  ج:
ص:  >  >>