للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عنان من اللذات قد كان في يدي ... فلما قضى الألف استردت عنانها

منحت الدُّمى هجري فلا محسناتها ... أود ولا يهوى فؤادي حسانها

يقولون هل يبكي الفتى لخريدة ... إذا ما أراد اعتاض عشراً مكانها

وهل يستعيض المرء من عشر كفه ... ولو صاغ من الحر اللجين بنانها؟

وأبو تمام هنا يؤمن بالفردية وعدم القابلية للتعويض، فقد يكون من الجواري من يزدن حسناً على جاريته المرثية، ولكنه لا يجد فيهن العوض منها لخصائص فيها ليست لواحدة منهن

والشريف الرضي يرثي (بعض أهله) بأبيات فيها أثر اللوعة والحزن الشديد؛ ولعل بعض أهله زوجة له، لأن العرب تعبر عن زوجة الرجل بأهله. قال الشريف:

ذكرتك ذكرة لا ذاهل ... ولا نازع قلبه والجنان

أعاود منك عداد السليم ... فيا دين قلبي ماذا يدان

ونابي الجوى أن أسر الجوى ... إذا ملئ القلب فاض اللسان

وما خير عين خبا نورها ... ويمني يد جذ منها البنان

فيا أثر الحب إني بقيت ... وقد بان ممن أحب العيان

وقالوا تسل بأترابها ... فأين الشباب وأين الزمان؟

والشريف صادق في البيت الأخير؛ فأين الشباب المسعف على اصطناع الحب من جديد؟ وأين الزمان المعين على ذلك بعد أن ضاع من العمر غير قليل؟

وأكثر الشعراء رثاء لزوجته في الأدب العربي (الطغرائي) فيه أكثر من خمس قصائد مختلفات في الوزن والقافية. وكلها تدل على شديد حرقته. ولعله بذلك مهد السبيل لمحمود سامي البارودي باشا الذي رثى زوجته بقصيدة تعد أطول ما رثيت به امرأة في الأدب. فقد بلغت أبياتها سبعة وستين بيتاً

وقصيدة البارودي هذه لا تمتاز من مراثي النساء بطولها فحسب، بل تمتاز بتعبيرها عن أحزان البارودي ونفسه المحطمة أصدق تعبير، فقد كان منفياً بجزيرة سرنديب يوم ورد إليه نعيها. ولكنه على عزيمته القوية لم يستطع احتمال الصدمة فيها فيقول:

أيد المنون قدحت أي زناد ... وأطرت أية شعلة بفؤادي

<<  <  ج:
ص:  >  >>