للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ألف ويجاهد في سبيل النهضة الفكرية كالذي ناضل وجاهد؟

وأما الزيات الذي تزعمون أنه يبرقش ويزركش، ويتخذ (الكليشيهات) لأسلوبه فعذره أنكم لم تنضجوا بعد، ولم تدركوا من طلاوة البيان العربي ما أدرك. . . ذلك البيان الذي جدد الزيات شبابه وتزعم مدرسته وخلق لها مما كتب وما ترجم التلاميذ والحواريين. وهاهو ذا يكتب آياته في الدفاع عن البلاغة فينشئ لكم ما أنشأ سانت بيف وهازلت وأرنولد وغيرهم من زعماء النقد. على أن هذا الضيق الذي أحرج صدور بعضكم من الزيات ليس من صنعكم، فقد صنعه لكم - وا أسفاه - أحد شيوخ الأدباء، وهذا هو انشقاق الشيوخ على أنفسهم. . . ذلك الانشقاق الذي أفادكم في خصومتكم غير المبصرة، والذي أفاد نهضتنا الفكرية بقدر ما أضرها. وحسبنا هذه الإشارة اليوم!

وأظرف ما في معسكر الشيوخ من فتنة مكبوتة تلك النذر الضاحكة التي يلوكها الدكتور زكي مبارك، والتي لا تجد لها صدى قط على صفحات الجرائد. . . فزكي مبارك تجرئ على المازني جراءة لا حد لها، والمازني لائذ بأذيال الصمت. . . والمازني بهذا الصمت يمكر بزكي مبارك الذي لا ينال منه إلا صمت مناوشيه، ولا يريحه إلا أن يردوا عليه فيرد عليهم حتى يخيل لنا أن المعركة لن تنتهي. . . أما مع العقاد فلست أدري لماذا تقدم زكي مبارك ثم تأخر ثم تقدم ثم تأخر. . . هذاإن دل على شيء فهو إنما يدل على شيء يشبه الإشفاق أو يشبه الخوف، أو يشبه حاله بين الإشفاق والخوف، فقد نادى زكي مبارك مرة بأعلى صوته فقال: أنا أكتب منك يا عقاد، وأنا أشعر منك يا عقاد، ومؤلفاتي لا تسمو إليها مؤلفاتك. . . ثم لم يلبث أن ختم صيحته بكلمات هن إلى الملاينة والاسترضاء. . . ثم عاد في كلمة أخرى فسأل بعض القراء ألا يوقعوا بينه وبين العقاد ليقعدوا هم ويتفرجوا! ولست أدري العلة في جراءة زكي مبارك على المازني وإشفاقه من العقاد على هذا النحو المكشوف؟ أفصح يا دكتور زكي. . . أفصح. . . أفصح ولا تحسبن أحداً قد صدقك حينما رفعت عقيرتك بأنك أشعر شعراء هذا الزمان. . . وإن كنا يسرنا جدّاً أن تكون كذلك. . . يا دكتور زكي: أنت لست أشعر أهل هذا الزمان ولا أكتب أهله. . . بل أنت أجرأ كاتب في الشرق العربي فما علة إشفاقك من العقاد؟

أما انشقاق معسكر أدباء الشباب فقد كان على أحره في الملحمة الأخيرة التي دارت عن

<<  <  ج:
ص:  >  >>