للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الشامخ. والنار تضطرم في رأسه، فقال لي: صح زعمك في، يعني قولي:

وإن صخراً لتأتم الهداة به ... كأنه علم في رأسه نار

ثم يتركها متغلغلا في طبقات الجحيم.

طبقات الجحيم في الروايتين

لم يعن المعري بتقسيم الجحيم إلى طبقات، لكل طبقة من العصاة والمذنبين جزء مقسوم. ولم يسهب في وصف أهوالها وآلامها إسهاب دانتي. بل كان همه لقاء الشعراء وحوارهم فيما نسب إليهم من شعر. وفي تصحيح الرواية، وبيان الوجوه النحوية واللغوية والصرفية. فلم تكد تقع عينه على امرئ القيس حتى يسائله عن إعراب (يوم) وعن تخفيف الياء من (سي) وتشديدها في قوله

ألا رب يوم لك منهن صالح ... ولا سيما يوم بدارة جلجل

ثم يقول: ليت شعري ما فعل عمرو بن كلثوم؟ فيقال ها هو ذا من تحتك ان شئت أن تحاوره فحاوره في (سخينا) من قوله. .

سنعشعة كأن الحص فيها ... إذا ما الماء خالطها سخينا

أمن السخاء. أم من الماء السخين؟. إلى كثير من حوار وجدل، ذلك سبيله، سنفرده بالحديث حين الكلام عن الحوار في الروايتين.

ولقد بذل دانتي مجهودا عظيما في تقسيم جهنم، فقسمها إلى تسع طبقات اختص كل طبقة منها بطائفة من المعذبين، ووصف ما هم فيه من عذاب وآلام وصفا مؤثراً بليغا. ففي الطبقة الأولى رأى الملائكة الذين لم يطيعوا الله ولم يطيعوا الله ولم يطيعوا ابليس حينما تمرد على ربه. انتظارا للنتيجة حتى يتبعوا الغالب في زعمهم؛ ثم رأى خلقاً كثيرا عريت أجسامهم، وانتابتها أفواج من الذباب والزنابير تدمى جلودهم، وتنهل من دمائهم.

وفي الطبقة الثانية رأى المحبين الذين أسرفوا فالقوا أنفسهم في حمأة الخطيئة. ومن بينهم باولو وعشيقته فرنشسكا التي قصصت خبرها في العدد الماضي.

وفي الطبقة الثالثة رأى البخلاء والمسرفين يلعن بعضهم بعضا. ويقول الأولون للآخرين: لماذا أسرفتم؟ فيقول الآخرون: للأولين لماذا قترتم؟. ولن يغنى تخاصم أهل النار عنهم من العذاب من شيء.

<<  <  ج:
ص:  >  >>