للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وفي الطبقة الخامسة يرى الحمقى الذين كان يستفزهم الغضب وهم يضرب بعضهم بعضا. ثم يرى المتكبرين والمتغطرسين في بركة سوداء مترعة بالأوحال والأقذار، وهم يتقلبون فيها خاشعين. ينظرون من الذل من طرف خفي.

فأما الطبقة السادسة فهي مقابر متراصة. تزخر بالأنين وباللهب، وأعدت لمن أنكروا الله ووجوده.

وفي الطبقة السابعة نظر نهرا من دم يغلي يغوص فيه السفاكون، وقاطعوا الطريق.

وفي الطبقة الثامنة رأى رجال الدين المتجرين به. والذين كانوا يدّعون أنهم خلفاء المسيح الذي أحب الفقر وآثره على الغنى. بيناهم يتساقطون على الحطام تساقط الذباب على العسل، والكلاب على الجيف. ورأى المنجمين والمخادعين والمرائين. وهم يلبسون أثواباً باطنها رصاص يشوي الوجوه، وظاهرها ذهب لامع براق جزاء وفاقا على ريائهم. ودهانهم.

أما الطبقة التاسعة فهي زمهرير تجمد ماؤه، وضم في أحشائه إبليس، (ويهوذا الأسخريوطي) الذي نم على مكان السيد المسيح فدل اليهود عليه. ثم الذين خانوا أوطانهم مسهباً في وصف هؤلاء الخائنين. مفتنا في ذكره ما أعد لهم من جحيم ذي غصة، ومن عذاب أليم.

حراس الجحيم

تحدث المعري عن حراس الجحيم في قلة وفي دعابة. ثم ذكر شيئاً قليلاً من أعمالهم ووظائفهم، على حين أن دنتي ذكر لكل طبقة من طبقات جهنم حارساً أو جملة احراس، وأسهب في وصف أعمالهم وما يصبونه فوق رؤوس المعذبين من ويلات وآلام. وما أوجز المعري فيما أحدثك عنه إلا لأن المعري رجل دعابة وظرف، يريد أن يجتذ القارئ نحوه. وان يعلمه كثيراً من قواعد اللغة ومفرداتها دون أن يحس جفاف تلك الأبحاث كما عهدناه يحاول ذلك في (رسالة الملائكة)

وما أسهب دانتي إلا لأنه رجل موتور ممن شردوه ونفوه فهو يريد أن يرى واتريه يصب من فوق رؤوسهم الحميم. ثم هوغرس (الكنيسة) يهوى أن ينفر الناس عن الخطيئة ما استطاع لذلك سبيلا. فالمعري يقص علينا عمل الزبانية بما حدثنا به عن بشار بن برد. وقد

<<  <  ج:
ص:  >  >>