للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

أعطاه الله عينين بعد الكمه لينظر ما نزل به من النكال. ولكن بشارا يأبى إلا أن يغمضهما حتى تتوارى عنه الوان العذاب، فتفتحها الزبانية بكلاليب من نار. . . كما حدثنا عن الزبانية مرة أخرى إذ يغضب ابليس من حوار بين الأخطل وبين ابن القارح فيصيح فيهم قائلا: ما رأيت أعجز منكم إخوان مالك! فيقولون: كيف زعمت ذلك يا أبا مرة؟ فيقول؛ ألا تسمعون هذا المتكلم فيما لا يعنيه؟ فقد شغلكم وشغل غيركم عما هم فيه، فلو ان فيكم صاحب نحيزة قوية لوثب وثبة حتى يلحق به إلى سقر. فيقولون: لم تضع شيئاً يا أبا زوبعة ليس لنا على أهل الجنة سبيل. فيشمت ابن القارح في إبليس: فيقول إبليس عليه اللعنة: ألم تنهوا عن الشمات يا بني آدم؟ ولكنكم بحمد الله ما زجرتم عن شيء إلا وركبتموه. .

وكم كان المعري طريفاً حقاً إذ يحدثنا عن نداء ابن القارح لمهلهل أخي كليب حينما يقف في جنبات السعير وينادي: اين عدي ابن ربيعة؟ فتجيبه الخزنة قائلين: زد في البيان: فيقول: الذي يستشهد النحويون بقوله

ضربت صدرها إليّ وقالت ... يا عديا لقد وقتك الأواقى

فيقول له خزنتها. انك لتعرف صاحبك بأمر لا معرفة عندنا به. ما النحويون؟ وما الاستشهاد؟ وما هذا الهذيان؟ نحن خزنة النار. فبين غرضك تجب اليه، فيقول: أريد المعروف بمهلهل التغلبي أخي كليل بن وائل الذي كان يضرب به المثل: فيقولون له: ها هو ذا يسمع حوارك فقل ما تشاء:

ذلك جل ما ذكره المعري عن حراس جهنم لم يسهب فيه ولم يطل

فأما دانتي وإسهابه ووصفه الغريب لكل شيطان من شياطين السعير فموعدنا بالحديث عنه العدد القادم.

يتبع

محمود احمد النشوى

<<  <  ج:
ص:  >  >>