وابن عبد ربه الذي نقل حكاية الوفد الكسروي مصدقها هو الذي روى خبري (وفود عبد المسيح على سطيح ووفود قريش على سيف بن ذي يزن) مؤمناً بهما، وهذان الخبران يوضحان حالهما، وينبئان بصدقهما. ويناديان أنهما قد سبقا في الصحة والتحقيق خبر وفود النعمان وإضامته (جماعته) التي أوفدها على شاهنشاه لتثرثر قدامه متنفحة. ومن روى غير هياب تينك الأسطورتين روى هادئ البال الأسطورة النعمانية الكسروية. وقد قلت من قبل في سطيح وصاحبه شق قولي، فليعاود من أراد تلاوته. وهذا مما جاء في قصة وفود قريش، وروايته محسبة كافية لا تسأل نقداً ولا تقييداً
(. . . ثم انتبه (سيف) إليهم انتباهة، فدعا بعبد المطلب من بينهم، فخلا به، وأدنى مجلسه، وقال. يا عبد المطلب، إني مفض إليك من سر علمي أمراً لو غيرك كان لم أبح به، ولكني رأيتك موضعه فأطلعتك عليه، فليكن مصوناً حتى يأذن الله فيه. . . إني أجد في العلم المخزون والكتاب المكنون الذي ادخرناه لأنفسنا. . . خبراً عظيماً. . . فيه شرف الحياة. . . للناس كافة ولرهطك عامة ولنفسك خاصة. قال عبد المطلب: ما هو؟ فداك أهل الوبر قال ابن ذي يزن: إذا ولد مولود بتهامة بين كتفيه شامة كانت له الإمامة إلى يوم القيامة. قال: أبيت اللعن. لولا إجلال الملك لسألته أن يزيدني في البشارة. قال: هذا حينه الذي يولد فيه أوقد ولد، يموت أبوه وأمه، ويكفله جده وعمه. . . والله باعثه جهاراً، وجاعل له منا أنصاراً،. . . يفتتح كرائم الأرض، ويضرب بهم الناس عن عرض، يخمد الأديان. . . ويكسر الأوثان، ويعبد الرحمان. قال فهل الملك يسرني بأن يوضح فيه بعض الإيضاح، قال: والبيت ذي الطنب والعلامات والنصب إنك يا عبد المطلب لجده من غير كذب قال عبد المطلب: أيها الملك، كان لي ابن كنت له محباً. . . فزوجته كريمة من كرائم قومه يقال لها آمنة بنت وهب. . . فجاءت بغلام بين كتفيه شامة، فيه كل ما ذكرت من علامة، مات أبوه وأمه، وكفلته أنا وعمه، قال ابن ذي يزن: إن الذي قلت لك كما قلت، فاحفظ ابنك، وأحذر عليه اليهود فإنهم له أعداء، ولن يجعل الله لهم عليه سبيلا. . .)
وسيد هذا الوجود ومعناه مستغن بالله وبكتاب الله عن تكهن المتكهنين، وصوغ الصواغين، وزخرفة محدثين
وسند ابن عبد ربه في هذا الخبر: (نعيم بن حماد قال: أخبرنا عبد الله بن المبارك عن