الروائع من قصص العرب فأظهرتنا على الفرق الشاسع بين أدبنا والآداب الأوربية. . . أدبنا القليل الغور. . . أدبنا الممزق الذي لا تمسك أجزاءه وحدة، والآداب الأوربية العميقة المتماسكة، ثم كان أن أقبل بعض كتابنا على تأليف القصص فنجح منهم عدد غير قليل، وإن كانت القصة الطويلة التي تضارع القصة الأوربية لم تدخل في أدبنا بعد. . . على أن الرواية التمثيلية ظلت بمنأى عن الأدب العربي على الإطلاق، إلا ما حاوله بعض أدبائنا المجتهدين إبان نهضتنا التمثيلية من تلك الدرامات الفجة المسجوعة السمجة التي كانت تؤديها بعض فرقنا الإقليمية. ثم حاول بعض أدبائنا الجدد أن يغذوا المسرح المحلي بقطع من إنتاجهم، ولم يكادوا يفعلون حتى ثبط هممهم بخس مديري الفرق لجهودهم وعدم تشجيع الحكومة لهم، ولأن الحركة المسرحية المنظمة التي من همها خدمة اجتماعنا وخدمة لغتنا وآدابنا لم تخلق بعد. فانصرف الأدباء عن التأليف المسرحي غير مأجورين ولا مشكورين، بل انصرفوا والحسرة تملأ نفوسهم، والغيظ يشق مرائرهم. وهذا كله هو الذي حفزنا إلى الدعوة للأدب المسرحي، والأهابة بكل من يستطيع مؤازرتنا أن يعضدنا في هذه الدعوة، وأن يضم جهوده إلى جهودنا، عسى أن تستيقظ وزارة المعارف وأن تنتبه وزارة الشئون، فتعلما أن النهضة المسرحية هي أساس كل نهضة اجتماعية، وأنها تخدم لغتنا وأدبنا وثقافتنا بما لا يستطيع أن يخدمها به شيء آخر. ولما كانت السينما اليوم أكثر انتشاراً في مدننا من المسارح، ولما كانت لهذا السبب أبعد خطراً في نفوس الجماهير منها وجب ألا تقل عنايتنا بها عن عنايتنا بالمسرح، ووجب أن نلفت أنظار الأدباء إلى الإنتاج السينمائي بقدر ما نلفتهم إلى الإنتاج المسرحي، لأن الغاية واحدة وإن اختلف الأداء، ولأن الأديب وحده هو الذي يستطيع أن يضطلع بتأليف القصة المحبوكة الشائقة التي هي المعين الأول للرواية السينمائية، تلك القصة التي يتولى إعدادها (عمل السيناريو منها) للسينما فنان آخر غير المؤلف، بحيث يكفيها تكييفاً لا يخرج بها عن الأصل قط وإن رتبها الترتيب السينمائي الذي لا بد منه لكمال هذه الصنعة، فالقصة السينمائية من الوجهة الموضوعية أدب محض، ثم هي أدب محض من حيث أسلوبها كذلك؛ وهي، وهم يشترطون أن يكون واضع السيناريو من القصة الأدبية أو الدرامة المسرحية للسينما أديباً واسع الاطلاع له إلمام تام بأساليب الكتابة وأساليب الحوار على السواء، كما ينبغي أن يكون قديراً في دراسة