وجوهر ومن إليهم، في حين أنها تنفق جهودها الكبيرة على هذه القصص الخائبة والروايات المخزية التعسة التي تؤذي الأبصار وتصدع الرؤوس وتحط من سمعة الأدب المصري في كل مكان تعرض فيه على أقل الناس بصراً بالنقد الأدبي ومعرفة بفن القصة أو الدرامة. . . لقد آن أن ننظر إلى هذه القضية من ناحية الكرامة القومية أولاً، ومن ناحيتها الاقتصادية ثانياً. . . وقبل هذا وذاك، ينبغي أن ننظر إليها من حيث علاقتها الوثيقة بالأدب وبالنهضة التمثيلية. . . فالأشرطة السينمائية أدب صرف، وهي المرآة الجديدة التي نطلع فيها على نقائصنا ومزايانا، كما تطلع فيها جميع الأمم على تلك النقائص وهذه المزايا. . . ثم هي تصح أن تكون كتباً مصورة ناطقة حية يرانا فيها أحفادنا بعد مئات السنين، فإما أن يقدروا جهودنا إذا رأوا شيئاً حسناً وإما أن يضحكوا على جدودهم هازئين مستسخرين، وأحسبهم لن يفعلوا غير ذلك إذا لم تصلهم عنا هذه الأفلام المخزية التي ألفها لنا ولهم أنصاف المتأدبين منا وأرباعهم ومن لا تصلهم بالفنون الأدبية صلة ما. . . أما علاقة السينما بالنهضة التمثيلية فلا يجحدها أحد. . . وأقسم لو أن لنا ثقافة مسرحية غبر عليها روح طويل من الزمن، وأقسم لو أن لنا مسرحاً مصرياً محترماً يضارع في رقيه المسارح الأوربية أو المسرح الأمريكي. لكانت لنا نهضة سينمائية عالية كافية لأن تلفظ من ذاتها موضوعات تلك الأفلام المصرية التي أخرجت إلى الآن في غفلة من تأخرنا في هذا الميدان
ولا يفوتني قبل أن أختم هذه الكلمة في العلاقة بين الأدب والسينما أن أنوه بتاريخنا المليء الحافل بالأحداث الجسام، فقد آن لنا أن نخرجه مصوراً ناطقاً تشهده الجماهير فيثير فيها الكبرياء الوطني، وتطلع منه على ما لم تكن تعلم من مشاهد البطولة الوطنية وأمجاد العصور الخوالي، وما عمل الآباء والأجداد في سبيل مصر الخالدة من صنائع العزة وفعال العظمة. . . نحن إن صنعنا ذلك خلقنا عملاً أدبياً جليلاً لجميع كتابنا وأدينا لتاريخنا خدمة تخلد على وجه الزمان، ثم يسرنا لناشئتنا استذكار هذا التاريخ الطويل الذي نرهقهم بمذاكرته في بطون الكتب مع ما في هذه المذاكرة الصامتة التافهة البليدة من منافاة لروح التربية الحقة، وما تنتهي إليه من قلة الغناء. . . بعكس مشاهدة التاريخ المصور الناطق السينمائي الذي يلصق بالذاكرة، ويخلد فيها، وينمي في الطالب تلك الملكات التي يفتقر إليها