الزيات؟ فقلت: تجده في كلية الزراعة على شاطئ بحر شبين!
مضيت في العصرية إلى الزمالك فكيف رأيت الزمالك؟
إني لمفتون بتلك البقعة التي يطوقها النيل من أربع جوانب، إني لمفتون بما فيها من قصور وبساتين، وإنها لروضه من أنظر الرياض
أين الشاعر الذي يصور جمال الزمالك؟
وأين الروح الذي يدرك معاني تلك الجزيرة الخضراء؟
لن ينقضي فتوني بتلك الروضة المهندمة بأروع وأظرف ما تجود به الفنون، فالزمالك ترى وكأنها صبت مرة واحدة في لحظة من لحظات الصفاء
لا تجد بيتاً يبني ولا بيتاً يهدم، ولا ترى إلا سبيكة مقدودة من ضمير الحسن الأصيل
هذه كلية البنات بشارع محمد أنيس، وهذا بابها العالي، فما أسعد بلداً يكون لبناته حظ التعلم في مثل هذا المكان البهيج!
وأخطو خطوة فأجد الأستاذ الراوي في انتظاري، وأجد معه الأستاذ عبد الجبار الجلبي، وأجد وجوهاً عراقية في سمرة النيل عند الوفاء
وأقول بعد التحية: جئت أدعوكم لزيارة سنتريس، فما يجوز لمن يزور مصر أن يغفل زيارة سنتريس
فيقول السيد عبد الجبار الجلبي وهو يبتسم: إن مثل من يزور مصر ولا يزور سنتريس مثل من حج ولم يعتمر، وقد يكون حاله حال من اعتمر ولم يحج، فلا بد من زيارة سنتريس
سهرة روحية
وبعد لحظات يتفرق الجمع، لأن لجمهور الحاضرين مآرب من رؤية القاهرة بالليل، وأنظر فأرى الأستاذ طه الراوي سيبقى بلا رفيق، فأقرر البقاء لمسامرته إلى أن يعود الرفاق
قلت: أيسمح سعادة الأستاذ أن يخرج فنرتاض على ضفاف النيل؟
فقال: أنت النيل، ثم أنشد قول المتنبي:
مِن عَبيدي إن عشت لي ألف كافو ... ر ولي من نداكَ ريفٌ ونيلُ
وانطلق فقص قصة المتنبي بعد أن رحل عن مصر، قصها بصورة خلابة كأنه كان رفيق