في حديقة الدار في سنتريس بدت الطلمبة أمراً عجبا، فقد دهش الضيوف العراقيون من أن نستقي الماء بلا بئر، فقلت إن هذا يتيسر في العراق لو أردتموه. فقال الأستاذ طه الراوي: إن البئر في العراق تكون مياهه غاية في المرارة إن بعد عن الشط، لأن أرض العراق كثيرة الأملاح
عند ذلك تذكرت عبارة المسيو دي كومنين حين رأى الطلمبة في سنتريس، فقد قال إن هذا يمتنع في الأرض الفرنسية، وإن لم يذكر الأسباب
وعند ذلك فهمت كيف كانت بغداد مملوءة بالأنهار، وهي القنوات التي كانت تنقل الماء إلى المحلات المختلفة بدار السلام، فكل مجرى ماء اسمه نهر عند أهل العراق، ولو كان قناة لا يحتاج عبورها إلى أيسر مجهود، ومن هنا جاز أن نرى في كتب التاريخ أن البصرة كان فيها مئات أو ألوف من الأنهار الجاريات
لو سمعت كلام الأستاذ الراوي قبل أن أكتب مقالي عن (عروس النيل) لكان من الممكن أن أضيف إليه توضيحات، فليكن ما هنا تكميلاً لما هناك
بين سنتريس ولبنان
قال الأستاذ الراوي: للنسائم هنا مذاق لا نجد مثله في لبنان، فما الذي يمنع من أن تجعلوا بلدكم من بلاد الاصطياف؟
قلت: إن هواء سنتريس أتعب أهل سنتريس
- وكيف؟
- لأنه جعلها مراداً لأصحاب الأذواق، فهي الملتقى لأكثر سكان المنوفية، ومن أجل هذا عم فيها الغلاء