وعند تناول العشاء سمعنا طيوراً تسجع وتغرد بأنغام لا يسمع مثلها أهل العراق، فقال الأستاذ عبد الجبار الجلبي: ما هذه الطيور؟ فقال السيد عبد المجيد مبارك: هذه جماعة الكروان تصدح عند قدوم الليل
وتردد الأستاذ الجلبي في تصديق ما يسمع؛ فقال له الأستاذ الراوي: هذه بلابل تصدح بأنغام أهل سنتريس!
منظر طريف
حين مررنا بحدائق القناطر الخيرية نبهت رفاقي إلى غابة أبي قردان، وقلت إنه طائر يصادق الفلاح، فيرافقه في الحرث والسقي، ليلتهم ما في الأرض من ديدان، ولهذا يحرم صيده بأمر وزارة الزراعة المصرية
قال الأستاذ الراوي: هذا اسم عربي، فالقراد يجمع على قردان كما يجمع الغلام على غلمان، ولعل هذا الطائر سمي بذلك لأنه يطهر الأرض من الحشرات
قلت: ومن العجيب أن يكون ملتقى هذه الطيور البيض في شجرة كريمة بأحد المنازل في سنتريس، وكأنها تقول:
من علمّ الورقاء أن محلكم ... حَرَمٌ وأنك موئلٌ للخائفِ
ماذا دها القمر؟
كانت طلعة القمر طلعة بهية، وكان لألاوه فوق بحر سنتريس غاية في البهاء، فماذا دهاه قبل أن نقترب من قليوب؟
قال السيد هاشم: القمر مخنوق
فوقفنا جميعاً وتطلعنا إلى وجه القمر فرأيناه في حال تشمت العذال!
حتى القمر تنال منه صروف الليالي؟!
وتسمع السيد عبد الجبار ما يقول أهل قيلوب ليوازن بين أقوالهم وأقوال أهل بغداد. . . وتذكرت العبارة المصرية فقلت:(يا بنات الحور، سيبوا قمرنا ينور)
فقال: إن عبارة أهل بغداد (يا حوته يا منحوته، طلعي قمرنا العالي)
وأذن تكون بنات الحور هي التي تخنق القمر في مصر، وتكون الحوته المنحوته هي التي