أنا ما أسأت إليك، وإنما أسأت أنت إلى نفسك بكسلك. ومع هذا تقول إن اللغة العربية لن تجد من يذود عن حماها غير قلمك، ونحن نعرف طاقتك في البيان
توكل على الله وانفض الغبار عن نفسك المكسال، فقد تصبح ولك مثلي ترهات وألاعيب. وليس من العسير جداً أن تكون في منزلة الكاتب الأول والشاعر الأول.
زكي مبارك
الشعر العربي في المهجر
قرأت رأي الأستاذ الظريفي في تعليل طابع الشعر في المهجر، وأقرب إلى المعقول هو رأي قديم لي سبق أن أبديته في مناسبات أدبية لأفراد الجالية اللبنانية بكوم حماده، وخلاصته أن هذا الأدب هو صراع عنيف بين عقليتين متباينتين: عقلية الشرق بما فيها من روحانية وسمو وتوكل، وعقلية مادية قاسية لا ترحم المتواني (خصوصاً في أمريكا الشمالية حيث ظهر معظم أدباء المهجر)، وكان نتيجة هذا الاصطدام الحنين إلى حياة الشرق بما فيها من دعة وبساطة، وهذا الحنين ظاهر في حياة أقطاب مدرسة المهجر، فكتابات جبران الإنجليزية والعربية تترجم عن ذلك بجلاء؛ وكأني به يريد أن (يمشرق) أمريكا قبل أن (يتأمرك) وهو وأبناء جلدته. وقد أقبل الأمريكان على فلسفته إقبالاً لا نظير له أصاب منه ثروة لا يحلم بها أديب من أدباء العالم. ومن دواعي عظمة هذا الرجل أن طبيباً عالماً من كبار أطباء إنجلترا وفيلسوفاً يشار إليه بالبنان هو هافولك إليس كان يستشهد بأقوال جبران في كتابه العظيم (سيكلوجية الحب) ويدعوه بالشاعر النبي، ومع هذا الجاه كان جبران يحن إلى الشرق بقلبه وروحه ويود لو أمضى بقية أيامه في وطنه بين أحضان الطبيعة. وقد فاوض ذوي الشأن في شراء دير ماري سركيس بلبنان ليكون مقامه ولكن المنية عاجلته وقد نقلت إليه رفاته
مثل ذلك ما فعله ميخائيل نعيمة فقد أصاب ثروة في أمريكا ولكنه آثر الدعة والبساطة فعاد إلى وطنه وعاش في صومعة في جبل صنين
ومنذ ربع قرن زار مصر فيلسوف الفريكة أمين الريحاني وقال في حفلة تكريمه قصيدته