يقول لصاحبه الذي طفق يناديه ويستعيده: لا لا يا صديقي. . . (عشرة إكسو ولا واحد ناوله. . .)
والدجالون أعداء الديمقراطية قد لبثوا سنين عدة وهم يرفعون العقائر بحرب البطالة وهم يزعمون أنهم خلقوا عملاً لكل مستطيع لأنهم أداروا معظم المصانع على صنع الدبابات والمدافع والطائرات وأدوات الهلاك
وانظر أيها العالم الذاهل لقد هبط عدد العاطلين من ثلاثة ملاين إلى مليون!
وانظر مرة أخرى لقد هبط العدد من مليون إلى مئات قليلة من الألوف!
وانظر مرة أخرى لقد خلص الوطن من العاطلين أجمعين، وزاد على ذلك أن استدعى إليه الملايين من عمال الأجانب المسخرين
ثم أفاق العالم من ذهوله على أضعاف أولئك العاطلين مقتولين ومجروحين ومشوهين، ولن تنقضي مدة حتى تنجلي الهزيمة عن أضعاف أضعافهم من المساكين عالة على أوطانهم وعلى العالم كله عدة سنين
وهذه هي (المناولة) التي يحسنها الدجالون من أعداء الديمقراطية، ويسمونها علاجاً لمشكلة الأرزاق، وتسوية بين الطبقات، وليست هي من ذلك في كثير ولا قليل
خير من كل علاج كهذا العلاج أن يقوم المجتمع على تعاون الطبقات فيفرض المعونة على القادرين لينتفع بها الضعفاء حقاً مفروضاً لهم في رقاب الأمة أو الدولة، وأن يفتح للفقير باب السلم فيصعد عليه إلى الذروة حيثما استطاع، وأن يتسابق العاملون في ميدان الحياة كما يتسابق الأحرار ولا يستكينوا فيها كما يستكين العبيد
فالكرامة الإنسانية تأبى أن تحل مسألة الأرزاق كما حلتها مصالح السجون في العالم المتمدن بأسره: كل مسجون ينام وهو شبعان، وكل مسجون له عمل يحرك به يديه، وكل مسجون يكسو جسده ويأوي إلى سقف يظله ويعرض نفسه على طبيب
ولكنه لا يحسد على هذا النصيب
والعقل الإنساني يأبى أن تحل مسألة الأرزاق بالإكثار من مصانع الذخيرة والسلاح، لأن علاج البطالة بالموت والخراب طب مجانين
إنما الكرامة والعقل أن نحفظ الحرية وأن نطلب الرزق مع الحرية، وأن نؤمن بأن أخطاء