مفتريات، ثم عرضها على الأسماع والضمائر، وأهداها إلى الأبصار والبصائر، فإن كانت تقبلها ولا تزجها، أو تأخذها ولا تمجها، كان يعترض علينا بالقدح، وعلى إملائنا بالجرح، أو يقصر سعيه، ويتداركه وهنه فيعلم أن من أملى من مقامات الكدية أربعمائة مقامة لا مناسبة بين المقامتين، لا لفظا ولا معنى، وهو لا يقدر منها على عشر حقيق بكشف عيوبه والسلام)
ومثل ذلك في رسالة إلى أبي المظفر بن أبي الحسن البغوي ويقول الثعالبي (فوافاها (يعني نيسابور) في سنة اثنتين وثمانين وثلاثمائة ونشر بها بزه، وأظهر طرزه، وأملى أربعمائة مقامه نحلها أبا الفتح الإسكندري في الكدية وغيرها)
وكذلك يقول الحصري في زهر الآداب أنها أربعمائة مقامة. والذي بأيدينا من هذه المقامات اثنتان وخمسون. فهل ضاعت المقامات إلا هذا المقدار؟ ارجح أنه أملى في الكدية أربعين وحرفت الكلمة إلى اربعمائة، وتتتابع عليها النساخ. وذلك أنه يبعد أن يضيع هذا العدد من المقامات على كلف الناس بها، ولأنه في رواية الحصر عارض بالمقامات الأحاديث الأربعين لابن دريد. ثم هو يقول إنه أملى هذه المقامات في الكدية. ونحن إذا عددنا المقامات التي فيها كدية صريحة وجدناها خمسا وثلاثين. وجائز أن يكون البديع قد اعتبر خمسا أخرى من مقامات الكدية، فان صح هذا فقد أملى أربعين في نيسابور. ثم أملى الأخريات بعد كالمقامات الست التي فيها مدح خلف بن احمد.