للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

لباساً شنيع الهيئة ليمثل الشر، ويلبس رجل آخر لباساً جميلاً ليمثل الخير، وهلم جرا، ويدعي النقاد الإنجليز المسرحيون المحدثون أن المذهب التعبيري الذي قام في ألمانيا قبل الحرب الحاضرة إنما قام على أنقاض هذا الطور الأخلاقي من أطوار نشوء الدرامة الإنجليزية، وقد أشرنا إلى ذلك في كلامنا على المسرح الألماني، وسوف نعود إليه إن شاء الله في حينه. وقد نشأ إلى جانب الدرامات الأخلاقية أو ال كما يسمونها نوع مستقل فكاهي من قبيل (الفواصل) المضحكة التي تعمل في الحفلات عندنا، ولذلك فهم يسمونه: ولا بأس من الإشارة في هذه العجالة إلى أن النوع الأخلاقي إنما نبتت جذوره في النوع الإنجيلي، وذلك لأنه يمثل الجد والوقار والاحتشام الذي يقتضيه الدين ويلازم كل ما له علاقة بالكتاب المقدس. وأن نوع الفواصل إنما نبتت جذوره في النوع القديسي أو الكرامي، لأنه يمثل الهزل ويعنى بالتضحيك والسخرية

٤ - أما الطور الرابع فهو طور المأساة العظيم الذي شق للأدب الإنجليزي طريقه إلى تسنم الذروة بين الآداب العالمية جمعاء

ويلاحظ في هذا التطور أنه يشبه إلى حد بعيد تطور الأدب المسرحي عند اليونان القدماء. . . ذلك الأدب الذي لخصناه لقراء الرسالة منذ ثلاث سنوات.

الطوران الأول والثاني

لما كانت أغلبية الشعب الإنجليزي أغلبية أمية لا تقرأ ولا تكتب، ولما كان كتاب هذه الأغلبية المقدس مكتوباً لها إما باليونانية أو اللاتينية، وذلك قبل أن يترجم إلى الإنجليزية، فقد كان رجال الدين يلقون الأمرين في تلقين الشعب مبادئ دينه، كما كان يتعذر تلقينهم قصص التوراة وقصص الإنجيل، مما لابد لكل شعب متدين أن يلم به، لما فيه من العبرة والموعظة الحسنة، ولما له من الأثر في غرس محبة الدين في القلوب المؤمنة، والتغلغل به في سويداءاتها. . . من أجل ذلك اضطر رجال الدين إلى استخدام التمثيل وسيلة فذة لبلوغ أربهم إلى ألباب الشعب والوصول في سرعة ويسر إلى تثقيفهم بثقافة كتبهم المقدسة فنجحوا في ذلك نجاحاً باهراً على الرغم من أن جميع الدرامات الإنجليزية التي كان يمثلها القسس أنفسهم في البيع والكنائس إنما كانت تمثل باللغة اللاتينية، تلك اللغة التي كان الشعب قليل الإلمام بها، حالة مسلمي الترك والهند والصين وجاوة اليوم باللغة العربية.

<<  <  ج:
ص:  >  >>