للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وكان القسس يحافظون بقدر المستطاع على حرفية الكتاب المقدس في التمثيل، وإن كانوا أحراراً في اختيار الملابس التي يرونها لائقة ووافية بالغرض. ولهذا لم تكن الدرامات الإنجليزية تصادف من النجاح وإقبال الشعب ما كانت تصادفه الدرامات القديسية أو الكرامية المستمدة من حياة القديسين وكراماتهم الخارقة، لما كانوا يتمتعون به من حرية في صوغ الحوار وتكييف الحوادث تكييفاً يسهل خلق الجو المسرحي، ويطلق العنان للمبالغة في الأداء لضمان السيطرة على ألباب الجماهير والضرب على أوتارهم الحساسة، ثم لما في الخوارق من عناصر الخيال والخروج على مألوف الحياة العادية مما يضمن نجاح ذلك النوع من التمثيليات بالقدر الذي لا يتفق للتمثيليات الإنجليزية. أما أمثلة الدرامات الإنجليزية فكثيرة. وهي تشمل كل ما جاء في الكتاب المقدس من قصص رائع معروف من الجميع

أما الدرامات القديسية فقد زاد في نجاحها وضاعف من إقبال الجماهير عليها أداؤها بلسان الشعب باللغة الأنجلوسكسونية، وكان ذلك لأول مرة إبان حكم الملك إدورد الثالث (١٣٢٧ - ١٣٧٧) أي في منتصف القرن الرابع عشر على وجه التقريب، وهو التاريخ الذي يعتبر بحق فجر النهضة التمثيلية في إنجلترا. وكان لهذه الدرامات مواسم تمثيلية تشبه ما كان عند اليونان منها. وكانت هذه المواسم هي الأعياد الدينية بوجه عام مثل: عيد الميلاد، وعيد الفصح أو عيد القيامة وأحد العنصرة أو ال وعيد الجسد أو القربان المقدس ولا غرو أنه كانت هناك مناسبات خاصة لتمثيل هذه الدرامات، فمن ذلك حفلات الزفاف واستقبال الملوك وقيام الحجاج إلى الأراضي المقدسة والمناسبات السياسية وتدشين البنايات الهامة. . . الخ. . .

ويمضي الزمن، ولشدة إقبال الناس على التمثيل، بحيث لم تعد هيئة الإكليروس كافية للقيام بتمثيل مئات الدرامات التي ظهرت بناء على قانون العرض والطلب، انتقل زمام التمثيل من أيدي القسس إلى أيدي رجال النقابات التي كانت تمثل الطوائف المختلفة للعمال. وهذا هو الطور الثاني الذي ازدهر فيه التمثيل الإنجليزي أيما الازدهار، وذلك لروح التنافس بين هذه النقابات، ولما كانت تلك الطوائف تنفقه من المال والجهد والعناية وتحري أصول الإخراج لتبلغ دراماتها القديسية حد الإتقان، ولما حدث بعد هذا من التنافس بين المدن

<<  <  ج:
ص:  >  >>