للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

بخ بخ بنت أخي

نتاتس (في استنكار): أنت يا قاتل عمي ... لا. . أبي يأبى وأمي

في هذا الحوار القصير الذي يتألف من ثلاثة أبيات ومصراع واحد، ثلاثة أوزان مخلع البسيط ومنه البيتان الأولان ومجزوء الرجز ومنه المصراع الذي يليهما. ثم مجزوء الرمل ومنه المصراعان الأخيران.

وقد يرى بعض الناس أن من الغلو في الحرية أن يكون أحد المصراعين في البيت الواحد والثاني من بحر آخر. ولكن في الحق أن هذا هو التطور المنطقي لمجمع البحور. فإذا كان مستحسنا أن يغير الإنسان الوزن بعد بيتين أو ثلاثة، فليس هناك معنى لأن يمتنع المرء عن تغييره في كل مصراع، بل وفي اقل من مصراع. وقد فعل ذلك أيحد الأفاضل في الجزء الثالث من (أبولو) في قصيدة من هذا النوع عنوانها (الشراع) جاء فيها:

وأنتزع عنك كساء الليل ثوبا: (رمل)

شحبا (؟)

تحتك اللجة السحيقة تدوي (خفيف)

فوقك اللانهاية الأبدية (=)

وأمامك الأفق البعيد يضلل (كامل)

والقارئ الذي يهمه هذا الضرب من الشعر يجب أن يرجع إلى هذه القصيدة لأنها خير مثال له بين أيدينا. ولولا ضيق المقام لتمثلنا بكثير من أبياتها.

وقد جاء في العدد الرابع من الرسالة منظومة للشاعر الفاضل إيليا أبو ماضي عنوانها الشاعر والسلطان الجائر. وقد أعجبنا بما فيها من خيال بديع، واكن افتتاحها بنوع خاص منبئاً بأن المنظومة من الدرر الغوالي. الا أن هذه الدرر كانت ذات نظام مختلط غذ جعل الشاعر يغير من وزنها ست مرات أو سبعا. فلا تكاد الأذن تطمئن إلى نغمة، حتى يستبدل بها نغمة تخالفها وتغايرها. والذين اكتفوا بقراءة القطعة الأولى حكموا بأن القصيدة من أحسن الشعر؛ وأما الذين قرءوها إلى النهاية فقد أسف كثير منهم على أن الشاعر قد افقد المنظومة حسنها لهذا الاضطراب في النظم؛ لأن لكل بحر أثرا خاصا في النفس، وهذا التقلب السريع مما يزعج الخاطر وينفر الأسماع.

<<  <  ج:
ص:  >  >>