للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وقبل أن نتكلم عن الفواصل نلم إلمامة ختامية بالأخلاقيات لنعطي القارئ نماذج سريعة من أنواعها ليكون لنفسه صورة من النضال المتصل والجهاد الرائع الذي مهد للمسرح الإنجليزي العتيد في عصر شكسبير العظيم. فمن هذه الدرامات الأخلاقية ما كان دينياً بحتاً مثل درامة قلعة المثابرة من عهد هنري السادس، وموضوعها الحرب بين النوع الإنساني وزملائه الفضائل السبع الرئيسية، ضد الكبائر السبع بقيادة زعمائها الثلاثة: مندس وبليال وكارو الذين يحاصرون النوع الإنساني في قلعة المثابرة، ثم نجاة النوع الإنساني آخر أمر. ومن هذا القبيل درامة (كل إنسان) وقد كتبت قبل سنة ١٥٣١ وفيها يستدعي (كل إنسان) هذا أمام محكمة إلهية ليقدم حساباً على ما قدمت يداه في الحياة الدنيا. . . وهنالك تخذله رفاقه (الزمالة والخفة والقوة والسرور والجمال) في حين لا يجد له نصيراً إلا حسناته التي تقدمه (إلى الاعتراف) الذي يبرئ ساحته

ومن تلك الدرامات أيضاً ما تلحظ فيه أثر حركة الإصلاح الديني والروح البروتستنتي الجديد، مثل درامة العرف الجديد أو درامة معركة الضمير. ومنها ما كان يتجه اتجاهاً علمياً يتمشى مع نور النهضة مثل درامة (العناصر الأربعة، وهي نضال بين العرفان وفضائله، والجهالة ومضارها؛ ونحوها درامة (الذكاء والعلم). ومنها ما كان سياسياً، مثل درامة (الفارس ألبيون) وهي تصور ذلك النضال الهائل بين الأشراف والعامة، والصدام الذي انتهى بالإصلاح الدستوري الكبير في بريطانيا. ونحوها درامة لوردات لندن الثلاثة وسيداتها الثلاث، وهي ملهاة لكاتب اسمه روبرت ولسن. وكان يحترف التمثيل. والسيدات هن المنفعة الخسيسة والحب والضمير. أما اللوردات فهم السياسة والأبهة والسرور (وأولئك هم سادة لندن) - ثم الكبرياء والطمع والظلم (وأولئك هم سادة أسبانيا) - ثم الرغبة والمسرة والولاء (وهؤلاء هم سادة لنكلن) وقد كتبت هذه الدرامة بعد تحطيم الأرمادة الأسبانية. وفيها تحقير شديد للأسبان وإشادة بالمجد الإنجليزي

هذا، وقد ألف بعد هذه المرحلة درامات لا هي أخلاقية كلها ولا هي فواصل كلها، بل كانت (بين بين) إن جاز هذا التعبير

أما الكلام عن الفواصل فيحسن أن يستقل بفصل خاص لأهميته، ولأنه كان البذرة الأولى للملهاة الإنجليزية، وهو ما سنتناوله في الفصل المقبل.

<<  <  ج:
ص:  >  >>