الدينية التي أوشك أن يحفظها عن ظهر قلب لكثرة تكرارها، فأراد المؤلفون أن يتساموا بالدرامة فاقتحموا ميدان الأخلاق، لأنهم إنما كانوا ينشدون نشر الفضيلة - بعد تلقين دروس الدين - بما يقدمون للنظارة من هذه الدرامات. ولا غرو أن فرنسا كانت قد سبقت إنجلترا في ابتكار هذه الدرامة الأخلاقية، ولا يبعد أن تكون قد اقتبستها عنها كما اقتبست الإنجيليات من قبل: أما أن الدرامات الأخلاقية قد نسخت ما قبلها، فقد حدث ذلك بالتدريج فعلاً. فهم يذكرون أن آخر درامة قديسية قد مثلت في أواخر القرن السادس عشر. أو بالضبط سنة ١٥٩٨ ثم ظلت الدرامات الأخلاقية تمثل بعد ذلك إلى أن ازدهر المسرح الإنجليزي بدرامات ماريو وشيكسبير وبن جونسون. ومن هذا يفهم أن القديسات واكبت الأخلاقيات زمناً طويلاً حتى تغلبت الأخيرة وحلت محلها. وقد كانت الرذيلة أقوى شخصيات الدرامة الأخلاقية. وكانت تحل دائماً محلاً هزلياً كما كانت الفضيلة توضع في مواضع الجد. فكان يمثل الرذيلة معتوه أو ضحكة أو أبله يجيد صوغ النكات والحركات التضحيكية، وكان يبدو دائماً وفي يده خنجر من الخشب، كما كانت ملابسه تثير الضحك الشديد. ولم تكن شيمة من الشيم إلا ولها موضع من درامة من هذه الأخلاقيات التي تكون فيها الشخصيات قسمة بين الفضائل والرذائل. فمقابل الطمع توجد القناعة، ومقابل الزنا يوجد العفاف، ومقابل الكذب يوجد الصدق، وضد الظلم العدالة وهكذا دواليك. وكان مقصوداً بتمثيل هذه الرذائل أن يحدث تباين مع الفضائل حتى لا يمل النظارة من كثرة الحض على التمسك بأهداب الفضيلة. ولهذا السبب كان وكد المؤلف أن يجعل شخصية رذيلة ما من الرذائل - كالجبن أو الشح مثلاً - مثيرة للضحك الذي يهز القلب ويفجر المشاعر، فإذا نال السامعون هذا النصيب من الترويح انتقل بهم المؤلف إلى شخصيات الفضائل الرزينة العاقلة - كالشجاعة والجود مثلاً - فجعلهما يردان على الجبن والشح في وقار وهون، ثم ينتقل إلى الرذائل ليعطي النظارة نصيباً من الضحك وهكذا حتى تنتهي الدرامة
وكانت الفترة التضحيكية المخصصة للرذائل تسمى فاصلاً - أو استراحة - وظل هذا هو النظام المعمول به في مزج الأخلاقيات بالفواصل حتى جاء جون هيوود (١٥٠٦ - ١٥٦٥) فألف في الفواصل خاصة، وبذلك أخذت تستقل الأخلاقيات وتكون نواة للملهاة