للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

فالبلاد الألمانية مثلاً قل فيها عدد العاطلين قبل الحرب الحاضرة، واحتاجت إلى الأيدي العاملة من بلاد أجنبية

ولكن الفضل في ذلك لا يرجع إلى المذهب الاجتماعي الذي غلب على البلاد الألمانية وهو النازية، وإنما يرجع إلى تسخير الأيدي كلها في صنع السلاح والذخيرة، وتقسيم الشبان بين جنود يعملون في الجيش، وعمال يصنعون لهم أدوات القتال

والنازية عدو الشيوعية كما هو معلوم، وبين المذهبين من الخصومة مثل ما بين الأمتين الجرمانية والروسية، ولكن الروسيين قد استطاعوا في السنوات الأخيرة ما استطاعه الألمانيون من إقلال عدد العاطلين، ولا فضل في ذلك للمذهب الاجتماعي الذي يدينون به وهو الشيوعية، وإنما الفضل فيه للتجنيد وتحويل الكثير من المعامل إلى مصانع للذخيرة والسلاح

فاشتغال المصانع بالتسليح هو سبب القدرة على إقلال عدد العاطلين، سواء كانت البلاد التي تدير مصانعها لهذا الغرض شيوعية أو نازية، أو كائناً ما كان المذهب الاجتماعي الذي تدين به وتقيم الحكومة على أساسه

وليس بالديمقراطية من عجز عن هذه القدرة، ولا تقصير في هذا المضمار

بل هي أقدر من النازية والشيوعية معاً على تشغيل الملايين في المصانع والمزارع حين تحتاج إلى المؤونة والسلاح

وعدد الصناع الذين يعملون اليوم في البلاد الديمقراطية يربي على عمال النازيين والشيوعيين مجتمعين

والأجور التي ينتفعون بها أفضل وأقوم من الأجور التي تصل إلى أيدي الصناع في البلاد الألمانية والروسية

فتدبير العمل عن طريق التسليح فضيلة لا يختص بها مذهب من المذاهب الاجتماعية على اختلافها

وليس هو حلاً صالحاً للمشكلة الاقتصادية التي تواجه الأمم في أيام السلم أو أيام الاشتغال بالتعمير والبناء

بل هذا الحل الوبيل هو البلاء الذي يهون إلى جانبه بلاء البطالة وإن ترك بغير علاج

<<  <  ج:
ص:  >  >>