إذ ليس من حلول العقلاء أن تطعم العاطلين فترة من الزمن طعاماً فيه الغنى أو ليس فيه غنى على الإطلاق ثم ترسلهم بعد ذلك إلى الذبح بالملايين من مختلف الميادين
وليس من حلول العقلاء أن تنكشف الحرب في البلاد المهزومة عن أضعاف من كانوا بها من العاطلين وهم عاطلون وبهم من البلاء، فوق بلاء التعطيل، تشويه وتشريد وتنكيل
هذا دواء أهون منه الداء
هذا هو الجنون الذي يؤدي إليه سلب الحرية وتسخير الشعوب المغلولة كما تسخر الأنعام
وشفاء هذا الجنون أن تعالج الأمور على أساس التعاون بين الطبقات والتعاون بين الأمم والتعاون بين الحكومات
وهذا الذي تحاوله الديمقراطية وترجو أن تبلغ فيه بغيتها من التوفيق والنجاح
فإذا نجحت فذلك نجاح الإنسانية، وإذا فشلت فذلك فشل الإنسانية التي لم تتمخض بعد عن مذهب أصلح من الديمقراطية لعلاج هذه المشكلات
لكن البوادر تدل على الخواتيم
والبوادر كما نشاهدها في برنامج (بيفردج) أو ما شاكله من البرامج أدعى إلى التفاؤل من جميع هاتيك المواعيد الكاذبة التي تمنينا بها مذاهب التدمير والعداء، سواء قام العداء بين الطبقات أو بين الأجناس البشرية من مختار في زعم أصحابه وغير مختار!
فالخطة الديمقراطية ترمي إلى تحصيل الضرائب الكافية من موارد الشركات والأفراد، وإنفاق هذه الضرائب على معونة الشيخوخة ومعونة الطفولة ومعونة العاطلين كلما قضت بعطلهم ضرورات المجتمع الذي يعيشون فيه
وهذه هي الخطة المثلى التي تجمع بين المطالب المأثورة في المذاهب الاجتماعية على تناقضها
فهي تقيم المجتمع على التعاون وتعفيه من أوضار الحقد والبغضاء بين هذه الطبقات
وهي تطلق الأيدي في التنافس والتسابق وترفع عن الناس وصمة الحجر الذي يتركهم مسخرين مقيدين كنزلاء السجون أو نزلاء الملاجئ والمستشفيات
وهي في الواقع ترد كل شيء إلى الأمة كأنها تقرر مبدأ الملكية العامة من طريق غير الطريق الذي يتوخاه الشيوعيون، لأن الأغنياء أصحاب الضياع والمصانع لا يبقى لهم من