ثمرات أملاكهم بعد الضرائب التي ترتقي إلى تسعة أعشار الدخل في بعض الأحيان إلا نصيب كنصيب الموظف في شركة أو ضيعة يديرها لحساب مالكها الأصيل. ومزية هذه الطريقة على الطريقة الشيوعية أنها تبقي في الأفراد عزيمة المنافسة والاستقلال والطموح إلى الامتياز، وأنها مع ذلك ترد الثروة كلها إلى الأمة لتنفقها على سنة التعاون بين الطبقات
وتلك مزية الخطة الديمقراطية.
وفوق ذلك مزية الحرية وهي مناط الكرامة الإنسانية.
ومن الثرثرة الفارغة أن يصيح الصائحون كلما ذكرت لهم حرية الديمقراطية: نعم! ولكن ماذا تغني الحرية مع الجوع؟ وماذا نصنع بالحرية والبطون خاوية؟
هذه ثرثرة فارغة يلفظ بها بعضهم حسنة نياتهم بريئة مقاصدهم، ويلفظ بها الآخرون وهم يعلمون أنهم مكابرون وأنهم يخاطبون معدات الجهلاء ولا يخاطبون رؤوس العقلاء.
فمن الذي قال مثلاً إن الحرية لا تكون بغير جوع؟ ومن الذي قال إن الديمقراطية فرضت خواء البطون على جميع الأحرار؟
ومن الذي قال إن المذاهب الأخرى قد سلبت الحرية وحلت مشكلة الجوع؟
فالذي رأيناه أن المذاهب الأخرى حلت مشكلة الجوع بالموت والخراب، وأنها تخرج من الموت والخراب إلى بطالة أخرى شر على الأمم من البطالة الأولى، ثم لا محيص لها في نهاية المطاف من حل المشكلة على الخطة الوحيدة التي يضمن لها الدوام وتؤمن بعدها العقبى، وهي خطة الديمقراطية كما نتمثلها الآن وكما يرجى لها من التقدم بعد التجارب المنظورة
فالذين يقولون: ماذا تغني الحرية مع الجوع ينبغي أن يدلونا على المذهب الاجتماعي الذي سلب الحرية وأراح الناس من مشكلة الجوع؟
أما وهم لا يستطيعون ذلك فعليهم أن يذكروا هذه الحقيقة ولا يغفلوا عن التنبيه إليها، ما داموا لا يريدون الدعوة إلى بعض المذاهب من طريق التشهير بالعيوب وحصرها في النظام الاجتماعي الذي يعيشون فيه
إن الحرية مع الجوع لا خير فيها
وإن الشبع مع الاستعباد وزوال الكرامة الإنسانية كذلك لا خير فيه