الشيوعية أو الديمقراطية، أو حتى في الفوضوية! فدعنا من كل هذه المبادئ وتعال إلى الواقع. أليس في البلد من يملك عشرة آلاف فدان، في حين أن فيه عشرة آلاف فقير لا يملكون ثمن رغيف وطبق من الفول المدمس؟
أليس في البلد من يملك عشر سيارات، في حين أن فيه عشرة آلاف يسيرون حفاة؟
أليس في البلد من يموت بالتخمة وضغط الدم، وفيه من يموت بالجوع وفقر الدم؟!
هذا هو الواقع، وهذا ما ناديت بإصلاحه، ولم أقل كيف يتم هذا الإصلاح، ولم أشر باتباع مبدأ من المبادئ التي أشار إليها الأستاذ العقاد
ولكن الأستاذ العقاد يقول أنه ديمقراطي يدين بالديمقراطية لأنها تصون الحرية الفردية. فلأكن مثله ديمقراطياً، ولنبحث سوياً بين النظم الديمقراطية المتبعة في مختلف الدول عن طريقة لإصلاح الواقع الذي تحدثت عنه
وأعتقد أننا لن نتعب طويلاً في هذا البحث. فالطريقة التي نطلبها متبعة فعلاً في إنجلترا زعيمة الأمم الديمقراطية
ففي إنجلترا الآن قربوا الفارق بين الغني والفقير، حتى أصبحا متساويين تقريباً. وذلك عن طريق فرض ضرائب مرتفعة على الأغنياء بلغت في بعض الأحيان ٩٠ %؛ فالغني الذي يصل دخله اليومي إلى مائة جنيه (مثلاً) أصبح لا يملك من هذا المبلغ إلا جنيهاً واحداً يصل به إلى مرتبة الرجل العادي
قد يقول الأستاذ العقاد أن هذا ظرف استثنائي فرضته الحرب، وأن هذه الضرائب تستغل في تشغيل العاطلين - وهي أهم الطرق للقضاء على الفقر - ولكن تشغيلهم في المصانع الحربية، وهذا مالا يرضى به العقاد
ولكن لماذا لا يظل هذا النظام ثابتاً حتى بعد انتهاء الحرب؟ ولماذا لا تستغل هذه الضرائب في سبل أخرى غير إذكاء نار المذبحة الكبرى؟ لماذا لا تستغل في فتح الطرق وإنشاء مصانع سلمية ورفع أجور العمال. . . الخ. من الوسائل الكثيرة التي فكروا فيها قبل الحرب وكان ينقصهم المال لتنفيذها؟
إذاً فهناك طريقة ديمقراطية للقضاء على الفارق الاقتصادي بين الطبقات، أو على الأقل لتخفيفه، وهي طريقة ترضي الأستاذ العقاد، لأنها لا تتصل بالنازية أو الشيوعية، لأنها