ولا شك أن هذا لا يتفق مع ما يراد الآن من فتح هذا القسم لكل من يحفظ القرآن الكريم، ولو لم تسبق له دراسة علمية تؤهله لدرس فن القراءات بالطريقة اللائقة بكلية اللغة العربية، كما لا يصح أن يجمع مثل هؤلاء الطلاب مع طلاب هذه الكلية، لأنهم يتفاوتون في ثقافتهم تفاوتاً بعيداً وأني أرى أن تؤلف لجنة تكون مهمتها وضع مناهج الدراسة اللائقة بهذا القسم، ليدرس فيه فن القراءات دراسة جامعية، ولا يكتفي فيه بتلك الطريقة التلقينية، وأرى أيضاً أن يقصر على حملة الشهادة الثانوية بالمعاهد الدينية، لتتفق ثقافة طلابه مع ثقافة إخوانهم بالكليات، ويمكنهم أن يقوموا بهذه الدراسة التي نطلبها لهذا الفن
(ص)
ظاهرة لغوية
قد يكون من الحديث المعاد أن نقول إن اللغة ليست ظاهرة تحكمية اعتسفها القوم اعتسافاً، بل هي ظاهرة اجتماعية ترد إلى طبيعة الأشياء. ولعل خير ما يبين لنا تساوق اللفظ والمعنى، ما نص عليه قدماء أهل اللغة من (أن المشاركة في أكثر الحروف اشتقاق يدور عليه معنى المادة، فيتحد أصل معناها ويتغاير في بعض الوجوه). والأمثلة على صحة هذه الظاهرة كثيرة لا حصر لها، فنجتزئ بذكر الأمثلة التالية:
١ - ورد في التاج (تحت مادة ف ل ح): (قال شيخنا الفلح وما يشاركه كالفلق والفلد والفلذ ونحو ذلك يدل على الشق والفتح كما في الكشاف وصرح به الراغب وغيره)
٢ - النبت والنبث والنبر والنبش والنبط والنبع والنبغ تدل كلها على ظهور شيء بعد خفائه. فالنبت يقال للبقل وغيره إذا نشأ وخرج من الأرض. والنبث يقال للبئر إذا نبشها المرء وأخرج ترابها. والنبر يقال للمغني إذا رفع صوته بعد خفض. والنبش يقال للمستور إذا أبرزه المرء، أو للكنز إذا كشف من الأرض واستخرج. والنبط يقال للماء إذا نبع (ومنه الاستنباط بمعنى الاستخراج). والنبع يقال للماء إذا خرج من العين، والنبغ أو النبوغ يقال للشيء إذا خرج وظهر. . .
٣ - تدل الأفعال المبتدئة بالصاد والفاء على المعاني المختلفة للأصوات: فالفعل (صفد) يقال للأسير إذا أوثقته وقيدته بالحديد (ذي الصوت) والفعل (صفر) يدل على التصويت