تصوروا كيف تكون الحال لو أدى الموسرون جميعاً زكاة الفطر بإخلاص
تصوروا كيف يعم الفرح في مثل هذه الحال، فيفرح الغني بالتوفيق إلى أداء الواجب، ويفرح الفقير بأن يجد جاراً يواسيه باسم الشرع لا باسم الإفضال، فما كانت الزكاة إفضالاً وإنما هي واجب مفروض لا ينتظر صاحبه من الناس أي ثناء
في هذه الحال يكون الفقراء ضيوف الله في أيام العيد، لا ضيوف الموسرين من الجيران، ومع هذا تذيع القالة الجميلة فترتفع أقدار المزكين، وتزيدهم إيماناً بأن المعروف لا يذهب بين الله والناس
ومن مزايا الأعياد الموسمية أنها تذكر بحقوق ودية ينساها الأهل والأقارب في أكثر الأحايين، فما في كل يوم نسأل عن أقربائنا وأصدقائنا، ولا في كل أسبوع ولا في كل شهر أو كل شهرين، ولكننا نشعر بوجوب السؤال عنهم في أيام العيد، لنجازيهم لطفاً بلطف ووفاءً بوفاء
والأعياد الموسمية تقهرنا قهراً على تحية من يئسوا من التحية، لأنهم ذهبوا إلى العالم البعيد، عالم الموت، ولم تبق فرصة لتحيتهم غير فرصة العيد
أتدركون معنى الجمال الروحي في أن يكون أول من نحييهم في ليلة العيد هم الأموات؟
تلك التفاتة معنوية لها قيمة عظيمة، والوفاء الحق هو الوفاء لمن لا يملك الجزاء
أيها السادة:
إن فضائل الأعياد الموسمية أوضح من أن تحتاج إلى شرح، فتفضلوا بسماع كلمة وجيزة عن الأعياد اليومية، الأعياد التي تواجهنا في كل يوم، لو عرفنا كيف نروض النفس على إدراك الخفايا من نعم المنعم الوهاب، وهي نعم تتجدد في كل لحظة، فنحن بها كل يوم في عيد
تشرق الشمس والعافية في بدنك، والزاد في دارك، فيومك يوم عيد
تغرب الشمس وحولك أهلك، والنوم يداعب جفونك، فليلتك ليلة عيد
قد تطوف بك أحزان تثير دموعك وهذا يقع من وقت إلى وقت، ولكنه شاهد على أنك في عيد، فالدموع في عيون الباكين أدوية ربانية تصنع في طب العيون ما يعجز عنه أطباء العيون، والأحزان في صدور المكروبين مراهم روحية تصنع ما يصنع المرهم الواقي في