شفاء الجرح البليغ
هل تعرف حكمة الله في الألم؟
إن الألم نعمة نفيسة، فهو بشير العافية، لأنه ينبه إلى المرض، والتنبه للمرض يدعو إلى العلاج وهو باب الشفاء
والآفة الخطيرة هي انعدام الإحساس بالآلام، فإن تألمت فعرف أنك في حيوية، وتذكر حكمة الله في الألم، لتعرف أنك في عيد
الحزن علامة قوة لا علامة ضعف، لأنه يشهد بإدراكنا لقيمة ما نفقد، ولا نكون كذلك إلا ونحن أصحاء، فإن حزنت فاعرف أنك بعافية وأنك في عيد
وكيف تكون العاقبة لو عشنا بلا أحزان وبلا دموع؟
إن الأحزان والدموع كانت ولن تزال من أنصبة الموهوبين والحزن العظيم لا يكون إلا من نصيب الرجل العظيم، ولو كان البكاء عيباً لنزه الله الأنبياء عن البكاء، فلم يبك يعقوب على يوسف ولم يبك محمد على إبراهيم، فإن بكيت فاعلم أنك بخير وأنك في عيد
إن كنت غنياً فتذكر أن الغنى من النعم السوابغ، فأنت كل يوم في عيد
وإن كنت فقيراً، فما عيدك؟ وهل تكون للفقراء أعياد يومية؟
افتح قلبك واسمع هذا الدرس:
الفقراء في كل زمان وفي كل مكان هم عماد المدنية، فبجهودهم تقام الصروح والشوامخ، وبأيدهم تحفر الأنهار، وتزرع الحقول، وتنشأ البساتين، فإن كنت من هؤلاء فمن حقك أن ترى أنك كل يوم في عيد
خزان أسوان من صنع يدك، كما كان برج بابل من صنع يدك، وكما كان سور الصين من صنع يدك، وما قام في الدنيا بناء وأنت غائب، يا فقيراً يعمل ليجد القوت، فأنت بجهادك مصدر العيد لمن ينعمون بالعيد، ولو عقلت لأدركت أنك كل لحظة في عيد
ولنفرض أنك كناس يكنس الشوارع ويملأ عينيه ورئتيه بالتراب في كل يوم، حتى يوم العيد، فهل تعرف نعمة الله عليك؟
تذكر أن الغبار يقذي العيون ولكنه ولا يقذي عينيك، لأن الله يحميك، وتذكر أن الغبار يقد يورث مرض السل، ومع هذا لم نسمع أن كناساً مات بالسل، فما يرضى الله بالمرض لمن