للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

يحاربون المرض، كما تحاربه بالمكنسة يا حضرة الكناس، فأنت كل يوم في عيد

أيها السادة

في ظلال هذا الفهم لنعم الله ندرك أننا كل يوم بعافية، وأننا كل يوم في عيد، وأننا مسئولون في كل لحظة عن إعلان السرور بما يجود به المنعم الوهاب

الطفل يطالب أهله بحلة جديدة في العيد، لأنه لا يعرف غير الجديد، فما حاجتنا إلى حلل من القطن أو الصوف أو الحرير ونحن في حلل من العافية للجهاد في سبيل الرزق الحلال

أنا لا أرى الله خص بالشقاء جيلاً من الناس

البصير في نعمة لأنه يرى محاسن الوجود

والضرير في نعمة لأنه لا يرى مساوئ الوجود

والأصم المحروم من لطائف الأنغام صانه الله عن سماع المرذول من الاغتياب

نحن جميعاً في رعاية الله، فنحن كل يوم في عيد

لقد غلا كل شيء في أعوام الحرب، إلا الماء، لأنه أنفس موجود، والله يجود بالنفيس قبل أن يجود بالخسيس، وليس في نعم الله خسيس

أيها السادة

إن الأعياد الموسمية أعياد العوام، أما الأعياد اليومية فهي أعياد الخواص، وأنا أدعوكم إلى التأمل في نعم الله عليكم لتكونوا كل يوم في عيد

نعم الله لا تعرف شعبان ولا رمضان ولا تلتفت إلى المواقيت.

نعم الله تساق مع الأنفاس فليس لها رسوم ولا حدود، والسعادة من نصيب من يؤمن بأن الله منعم ومتفضل في جميع الأحوال

ولكن هذه الغاية لا تبدو بوضوح في كل وقت، لأن قلوبنا معرضة لغشاوات من الجهل والغرض والطمع والإسفاف

نحن نبات ظهر فوق الأرض، وأغصاننا مع هذا أطول من جذورنا، لأننا مجذوبون إلى السماء لا إلى الأرض، فماذا تريد بنا يا فاطر السماء؟

نحن منك وإليك، ولن ننحط في أي حال، فما ينحط من يؤمن بك ولو عاش في ظلمات الأدغال

<<  <  ج:
ص:  >  >>