تمس قدماها الأرض، وسيجتمع حولها رجال الحاشية في ثيابهم الزاهية. أما أنا فإنها لن تراقصني، فليس لدي وردة حمراء أقدمها إليها)، وعندئذ ألقى الفتى بنفسه على العشب وغطى وجهه براحتيه واستسلم للبكاء فتساءلت حرباء خضراء، كانت تجري إلى جواره رافعة ذيلها في الهواء (ما الذي يبكي هذا الشاب)؟ وشاركها في تساؤلها فراش كان يرف في شعاع الشمس. حقا ماذا يبكيه؟ (وأعقبتهما أقحوانة، فهمست إلى جارتها في صوت خافت ناعم قائلة (فيم هذا البكاء)؟
وأجاب البلبل قائلا (انه يبكي من أجل وردة حمراء)
فصاح الجميع في دهشة (من أجل وردة حمراء؟!. يا له من أمر مضحك، وصاحت الحرباء الصغيرة ضاحكة منه وفي عينيها معاني التهكم.
ولكن البلبل كان يفهم سر هذا الحزن فجلس صامتاً على شجرة السنديان مفكرا في الحب وما يكتنفه من أسرار.
وبينما كان غارقا في تفكيره، إذ بدا له فنشر أجنحته ذات اللون البني، وارتفع في الهواء، وعبر الحديقة كما يعبر الطيف حتى وقع بصره على شجرة ورد جميلة، فحط على غصن من غصونها، وصاح بها قائلا
(أعطني وردة حمراء فأغنيك أحسن أغاني)
ولكن الشجرة هزت رأسها قائلة (إن وردي كله أبيض، كزبد الموج في بياضه أو هو أشد بياضاً من الثلج الذي يكلل فتن الجبال. اذهب إلى أختي هنالك حول المزولة وستعطيك ما تطلب)
وطار البلبل حتى أتى تلك الشجرة فصاح بها
(أعطني وردة حمراء فأغنيك أحسن أغاني)
ولكن الشجرة هزت رأسها قائلة (إن ورودي كلها صفراء، تحكي في صفرتها شعر الجنية التي تجلس على عرشها الكهرماني، أو هي اشد صفرة من زهرة النرجس التي يسطع لونها في المرعى قبل أن يأخذها المنجل. ولكن اذهب إلى أختي هنالك تحت نافذة الطالب، وربما منحتك طلبتك، فانطلق البلبل إلى تلك الشجرة فخاطبها بقوله: