قوانين المجتمع. وهو يرفض الفكرة القديمة في أن المشرعين يمكنهم أن يغيروا المجتمعات حسب أهوائهم من نوع إلى نوع آخر مختلف عنه تماماً دون مراعاة العادات والتقاليد والبناء العقلي لأفراد المجتمع وهكذا.
وقد اعترض البعض على علم الاجتماع بأنه لا يتميز عن علم النفس، بينما كان من شرائط العلم الحقيقي أن يكون قائماً بذاته لا يختاط موضوعه بموضوعات العلوم الأخرى. ومادام المجتمع لا يتكون إلا من الأفراد، فعلم المجتمعات إذن لا يتميز عن علم الأفراد أي علم النفس، ولكن لو صح هذا الاعتراض لوجب توجيهه إلى علم مثل علم الحياة (البيولوجيا) فهو - حسب هذه النظرة - ليس إلا جزءاً من علم الطبيعة والكيمياء، لأن الخلية الحية مركبة من ذرات من الكربون والأزوت وغير ذلك، وهنا تدرسها الكيمياء العضوية. . . الواقع أن هؤلاء المعترضين ينظرون إلى الكل نظرتهم إلى الأجزاء التي يتكون منها، بينما الأجزاء متى تدخل في الكل تفقد خصائصها الجزئية وتظهر بدلاً منها خصائص أخرى لا توجد في الجزيئات. هكذا الحالة في الخلية التي يدرسها علم الحياة. وهكذا الحال في المجتمعات التي يدرسها علم الاجتماع؛ فإن من ارتباط الناس بعضهم ببعض تظهر حياة جديدة مختلفة بالمرة عن حياة الأفراد لو عاش كل منهم وحده إن الشرائع والمعتقدات الدينية والنظم السياسية والتشريعية والخلقية والاقتصادية، وعلى العموم كل ما يكون الحاضرة، لا يوجد إذا لم يكن تحت مجتمع ما، وبذلك فعلم الاجتماع غير علم النفس
هذا هو علم الاجتماع كما وضعه أوجست كونت
وقد اتسع نطاق العلم وتعددت ميادينه في السنوات الأخيرة وتخصص له عدد كبير من العلماء وخاصة في فرنسا، ولا زال العلم متحفظاً إلى الآن بمبدئه الأساسي: مبدأ الجبرية الكلية في المملكة الاجتماعية كما في بقية ممالك الطبيعة الأخرى. ويعزز من هذا المبدأ ما يذكره علماء الاجتماع من أن هناك نظماً خلقية أو تشريعية أو عقائد دينية معينة توجد مشتركة بين جميع المجتمعات التي تتشابه فيها شروط الحياة الاجتماعية وظروفها. ومهما كانت تلك المجتمعات متباعدة بعضها عن بعض، فإن تلك النظم تتشابه، حتى الدقائق والتفصيلات.