ولبس الفتى قبعته، وجرى إلى بيت الأستاذ والوردة في يده وكانت ابنة الأستاذ جالسة لدى الباب تلف خيوطا من الحرير الأزرق وكلبها الصغير نائم عند قدميها فخاطبها الفتى قائلا:
(لقد وعدت أنك سوف تراقصيني إذا أحضرت لك وردة حمراء، انظري إلى هذه الوردة إنها أشد الورود في العالم حمرة سوف تضمينها هذه الليلة على صدرك في موضع قلبك، وعندما ندور معاً في رقصتنا ستحدثك هذه الوردة عن مبلغ حبي لك)
ولكن الفتاة عبست قليلا ثم قالت
(أخشى ألا يلائم لونها لون ملابسي، وزيادة على ذلك فقد أرسل إلى ابن أخي رئيس الحجاب بعض الحلي الثمينة وأظنك تعرف أن الحلي أغلى من الزهور).
وصاح الفتى مغضباً:
(لعمري انك ناكرة للجميل، ثم رمى بالزهرة في الشارع فمرت فوقها عجلة فتلاشت وأجابت الفتاة
(ناكرة للجميل)؟ يا لك من فظ! ولكن قبل كل شيء خبرني من أنت؟ إن أنت إلا طالب فحسب، وما أظنك قد اتخذت يوما رباط حذائك من فضة كما فعل ابن اخي رئيس الحجاب، ثم نهضت واقفة ودخلت المنزل.
وقال الطالب وهو يبتعد عن دارها، ما أسخف الحب، أين هو من المنطق وفوائده؟ إنه لن يحقق شيئاً ما، ولن يحدثنا إلا عما لا يمكن حدوثه، وزيادة على ذلك فهو يجعل المرء يعتقد في أشياء لا ظل لها من الحقيقة، إنه في الواقع أمر غير عملي، وما دامت النزعة العملية هي كل شيء في هذا العصر، فإني سوف اتجه ثانية إلى الفلسفة وأدرس العلوم العقلية.
وعلى ذلك اتجه إلى حجرته وتناول كتاباً كبيرا قد علاه التراب، ففتحه وانكب عليه قارئا.