النطق، بل الإفادة أن كل متكلم فإنما ينطق عن أخلاقه وأحواله الذاتية الكامنة، ولفظه إنما هو دليل على ما انطوى عليه كما يعطيه ذوق الكلام)
وجاء في المقاصد:(خالفنا جميع الفرق في إثبات الكلام النفسي وقالوا لا معنى للكلام إلا المنتظم من الحروف المسموعة الدالة على المعاني المقصودة، وإن (الكلام النفسي) غير معقول إذ يقيسون ما في نفس الله على ما في نفس الإنسان)
ومما أوضحناه يتبين أن موضوع خلق القرآن لم يكن - كما قال الأستاذ - من القضايا التي فصلت فيها الأيام، ومن أجل ذلك يكون سؤالنا لا يزال قائماً، والإجابة عنه ما برحت ديناً في عنق علمائنا
أما قول الأستاذ إن سؤالنا قد انطوى على شك واضح في (حقيقة وحي القرآن الكريم)، فهذا ما لا أناقشه فيه، لأن هذا السؤال كما يبدو لكل ذي فهم قد وقف عند حد (وحي القرآن باللفظ)، ولم ينفذ إلى ما وراء ذلك. . .
وما دام الأستاذ قد تقدم إلى ميدان هذا البحث وجال فيه بقلمه، فإنا نرجو منه أن يحقق للناس أمر لفظ القرآن، ويبين لهم كيف كان وحيه، وما معنى الكلام النفسي، وإنه لجد عليم؛ بأن البحث في (كلام الله) أمر مقرر في كتب تدرس بالمعاهد الدينية الإسلامية في جميع أقطار الأرض، وقد قالوا إنهم قد سموا علم العقائد (بعلم الكلام)، لأن أشهر مسألة وقع فيها الخلاف بين علماء القرون الأولى هي كلام الله المتلو، أهو حادث أم قديم؟
هذا ما نرجو منه، فإن لم يفعل فليقف في جانبنا وليستمع معنا ما يتفضل به أهل الذكر علينا
وما دام الأمر بعيداً عن عالم الغيب وعن أصل الوحي فإن البحث يقتضيه، وأنه لا ضرر من إثارته وتمحيصه ما دامت السياسة لا تعرض له ولا تتدخل فيه.