وصف، فهو يتغنى بفضائل المرثي وأفضال الممدوح، ويحبب في الخير ويبغض في الشر، ويردد أصداء الحديقة أو القصر، أو الجبل أو البحر، في نفسه
وكل الشعر العربي شعر غنائي لأن الشعراء العرب لم ينظموا ملحمة ولا قصة ولا درامة. والشعر القصصي الموجود عندنا هو نوع من أنواع ال أو القصة القصيرة الغنائية المنظومة، ونحوها بعض قصائد امرئ القيس والنابغة (في المتجردة مثلاً) والفرزدق (في الذئب وبعض القيان) وقصائد عمر بن ربيعة في غوانيه، وبعض وقائع أبي نواس في غيده وغلمانه، وما تفيض به يتيمة الدهر من حكايات الفضوليين والمخنثين ومن إليهم. . . ويلحق بهذا الضرب ضروب القصص بعض المدائح النبوية التي تعرضت بالشرح إلى معجزات النبي، ولعلها هي التي أوحت في العصر الحديث إلى حافظ وعبد الحليم المصري ومحمود المانسترلي بمنظوماتهم في عمر وأبي بكر وعثمان
ولسنا نعرف في تاريخ الأدب العربي أن أحداً من الشعراء العرب حاول التخلص من القافية أو حاول كتابة الشعر المرسل، على أننا نعتبر الرجز والموشحات والنظم من قافية الألف اللينة محاولة قديمة للتحرر على نطاق ضيق من أسر القوافي، وأقول أسر القوافي، وأنا أعني ما أقول وأقصده لأن هذه القوافي العربية الصارمة هي السبب المباشر في قصر قصائدنا وقصور شعرائنا على السواء، وهي السبب المباشر أيضاً في حرمان الشعر العربي من الملحمة الطويلة ومن القصة المنظومة ومن الدرامة المنظومة ومن الروائع القصصية بجميع أنواعها. . . لقد آن أن نعترف بأن فحول الشعراء العرب كانوا يضطرون، تحت أسر هذه القوافي، إلى استعمال ألفاظ حوشية مهجورة مغربة ما دامت داخلة في باب القافية التي ينظمون منها. ومن المؤلم أن نقرر أن هذه الألفاظ الحوشية المهجورة المغربة كانت تتعاون مع الألفاظ السهلة المستعملة المتداولة في التحكم أحياناً في سير القصيدة وفي رسم الطريق للمعاني. . . وأنا موقن أن الشاعر المطبوع والشاعر غير المطبوع مستويان في الخضوع لأسر القافية وتحكمها في جميع ما يريد كل منهما أن يقول، حتى في المقطوعات القصيرة، وحتى في الموشحات التي تتنوع القوافي في مقطوعاتها
وأذكر بهذه المناسبة ما يلاحظه بعض نقاد الآداب الأجانب على الشعر العربي من البطء الشديد في أداء المعاني التي تضطرب بها نفس الشاعر. ولا جدال في أن القافية وحدها