علوم النحو والصرف والبلاغة ليست مما يبتدأ به في تعليم الأطفال، ولكنها متممات ومكملات. ثم قال سبنسر: وقصارى القول أنه لما كانت علوم النحو والصرف والبلاغة إنما نشأت بعد تكون اللغة كان من الواجب أن يتلقاها التلميذ بعد تكون اللغة، وسوى هؤلاء كثير من رجال التربية في العصر الحديث
إن أساليب التعليم والتربية التي تسير عليها أمة من الأمم هي خير مقياس لعقليتها وثقافتها ومقدار نضوجها، فإن كانت تجري على قوانين العقل والوجود وتساير الرقي الإنساني العام، وتلائم روح طبائع الأشياء، استدللت بذلك على ثقافتها ورقيها؛ وإن كانت تخالف ذلك أمكنك أن تحكم على الأمة بالتأخر في مضمار الحياة. وبالضعف في شتى مناحيها العقلية والاجتماعية والسياسية، وإن الأمم الرابضة حولنا، والمتطلعة إلينا، والتي تخالطنا وتجاورنا لتحكم علينا بما نصطنعه من أساليب في التربية والتعليم؛ فلنأخذ بالأسلوب المطابق لطبائع الأشياء وقوانين الوجود في تعليم اللغة العربية، إن لم يكن لإتقان اللغة والتوفيق في تعليمها، فالاتقاء حكم الأمم علينا بالتأخر في مضمار الحياة.