اللسان دون تكلف. . . إني أخاطبك الآن كأخ لأخيه أو بالحرى كانسان لنفسه.
أخي العزيز. . .
إن لغتنا هي من أبدع اللغات وأغناها؛ ولكنها كالكنز الدفين الذي لا يتمتع به أصحابه. إذا أشقينا النفوس بدراستها السنين تلو السنين فلن نفوز منها بطائل يشفي تلك النفوس وينعشها ويحررها من ذلك النقص الذي تشعر به أبداً وقد أورثها تلك الأدواء التي يصفها لنا علم النفس الحديث
إن لغتنا الفصحى سهلة؛ بل سهلة جداً؛ ولكن الصعب فيها كما بينت يا أخي في فصولك التسعة في الرسالة الغراء - أنها لم تصبح بعد ملكة عندنا. . . ولكن. . .
ألا ترى يا أخي أن الفصحى إذا تناولها الجمهور أفسدها. إن ما بين أيدينا اليوم من كتب وصحف ومجلات. أكثرها فصيح الأسلوب، ولكن هذا الفصيح كتب عليه الفشل. إنه لا يقوى على النهوض إذا خاطب عيون القراء. . . لماذا. . . لأن الخط الحاضر (الكتابة) هو الذي أفسد اللغة
فلو كان الخط أميناً لصور لنا الكلام بأمانة مطلقة تصويراً كاملاً واضحاً لا لغز فيه ولا إبهام. ثم لو كان الخط أميناً. . . لكانت الفصحى منتشرة على كل لسان
وكيف نكتب الفصحى بالمران والتكرار عن طريق القراءة التي لا نهاية لها لو ظلت هذه تقدم لنا صباح مساء بخط مبهم العلامات والضوابط. .؟
أتريد أن تنشر الفصحى يا أخي، قبل أن تحررها من سجن الخط الحاضر. إن الفصحى كادت تموت بين جدران الخط العربي الحاضر المبهم الذي لا ضابط له ولا شكل.
أراني وقد أطلت عليك الحديث مرغماً بعد العذر أن أرجو ملحاً ألا توصد ذلك الباب قبل أن تكمل فصولك الممتعة في هذه المجلة موجهاً عنايتك توجيهاً مخلصاً إلى حل مشكلة الخط أو الكتابة الحاضرة ولك مني وللرسالة - الغراء - ألف شكر
ا. . عكاوي
المهرجان الأدبي بالسودان
يسرني أن أزف إلى الناطقين بالضاد في كل قطر ومصر، والى أبناء العروبة أجمعين،