والى المتحرقين شوقاً لمعرفة سير موكب النهضة الأدبية في السودان، أن المهرجان الأدبي الخامس قد تم بمعونة الله إخراجه للناس بنادي الخريجين بالخرطوم في ثاني وثالث أيام عيد الفطر المبارك في حلة زاهية قشيبة وبطريقة مبتكرة جذبت إليه الجمهور المثقف أمام تلك الدار الزاهرة. في ذلك اليوم المشهود خلق كثير أتوا من كافة أنحاء السودان لشهود هذا العيد الثقافي المجيد الذي أصبح الناس هنا يعدونه عيداً قومياً له دلالته ومعناه. والحقيقة أنه جدير بهذه العناية وهذا الاهتمام
أجل أقيمت تلك السوق الأدبية الحافلة فألقيت البحوث الأدبية والتاريخية والعلمية، وأنشدت القصائد، وعرضت اللوحات الفنية، وترنم المغنون بأغانيهم الشجية، كما أنشد نشيد المهرجان. ولا يفوتنا أن نذكر أن موسيقى الجيش المصري كانت تشنف الأسماع بحلو الأنغام وعذب الألحان فقوبلت تلك المساهمة من رجال الجيش المصري البواسل بالتقدير والحمد وهناك ملاحظة جديرة بالذكر وهي أن أدباء مصر لم يساهموا في هذا المهرجان ولم يبعثوا بأي إنتاج فكري كما اشتركوا في المهرجان الماضي؛ ولم نسمع صوتاً لباقي أبناء البلاد العربية. فعسى أن نسمع أصوات هؤلاء جميعاً في المهرجان المقبل بإذن الله
ولقد كان المهرجان الأدبي حدث المحافل والمجتمعات في أيام العيد، بل حديث القطر بأجمعه، لأنه حدث أدبي جليل الشأن في النهضة الحديثة في السودان؛ فللأدب الآن دولة بالسودان لها رعية وأنصار
ويلذ لي أن أذكر أن المهرجانات الأدبية تقام عندنا هنا في كل عيد فطر. ولقد أقيم المهرجان الأدبي الأول بمدينة واد مدني عاصمة مديرية الجزيرة، ثم انتقل المشعل إلى أم درمان العاصمة الوطنية، ولم يتم إخراج المهرجان الثاني لأسباب قهرية، ولكن المهرجان الثالث قد أقيم في نفس المدينة أي أم درمان، ثم سلمت المشعل إلى نادي الخريجين بالخرطوم في العام الماضي فدأب أشبال النادي يعملون لإخراج المهرجان الرابع؛ لكن الأمنية لم تتحقق لأسباب طارئة. وفي هذا العام تمكن النادي عينه من إخراج المهرجان الخامس الذي نحن بصدد الحديث عنه
ولعل من المفيد أن أذكر نادي الخريجين بواد مدني هو الذي أخرج المهرجان الأول وهو صاحب الفكرة نفسها، ونادي الخريجين بأم درمان هو الذي أقام المهرجان الثالث، كما أرى