وعرفها (الدوق دلار وشفوكولد وكان مغامراً، تبع نساء. وكان الناس جميعاً يلهجون بذكره، وقليل منهم من رآه. فاتصل بها وهي تذرف على الخمسين. ترى أكان صديقها أم عشيقها؟ ومهما يكن من أمره، فقد قضى بقية حياته معها. فكان يزورها في قصرها كل يوم؛ وكان في هذا القصر بركة ينصب بها الماء، ونافورة تنفر منها إلى الفضاء، وخلوة مغطاة بالأعشاب والأزهار. فكانت تقضي الليالي والأماسي معه، تحت العشب والزهر. وقد تأتي، بعض الأحايين، مدام دسيفينيه فيجتمعون معاً، ويثرثرون على حفافي سريرها الأحمر الموشي تارة ويتحدثون في الخلوة المزهرة، أمام البركة تارة أخرى.
ومن العجب أنها كانت تنقد حكم عشيقها أو صاحبها أحد النقد. كان لديها نسخة منها. وكانت تعلق عليها وتكتب في الهامش (هذا حق، وهذا جيد) فإذا سخرت منه كتبت (هراء، خلط، كلام مبتذل!). ولقد قرأت يوماً قوله:(إن ما يسميه الرجال صداقة، ليس سوى تجارة يكون للأثرة مطمح فيها ومربح. . .). فكتبت بجانبها:(هذا يصح في الصداقة العامة، لا في الصداقة الحق). وقرأت مرة قولة:(مهما ندر الحب، فإنه أندر من الصداقة الصحيحة) فقالت: (أعتقد أنهما متساويان في الندرة، لأن في الحق حباً، ولأن في الحب الصحيح صداقة). وكتب (إن الذي يجعل كثرة النساء لا يتأثرن بالصداقة، هو أن الصداقة تصبح لا طعم لها عندما يذقن طعم الحب). فأجابته:(لا، بل لأن في الحب من كل شيء: فيه من العقل، ومن القلب، ومن الجسم)
لقد تصادقا وأثر كل منهما في الآخر. لقد قالت:(منحني الفكر، ولكني هذبت قلبه وأصلحته!)
ومن الطريف أن تتمثل هذا الدوق الحكيم، ذا الوجه الجهم، والعينين الذرافتين، وبجانبه تلك المرأة اللطيفة، يؤلفان الروايات، ويتجاذبان أطراف الأحاديث. يذكران أيام لهوهما، فيقص عليها مغامراته يوم كان ريان الشباب، وتحدثه عن سحرها يوم كانت في رونق الصبى
تلك هي قصة حياتها، وإنها لقصة تثير الأسى. لقد حلمت بالحب والبطولة فلم تذقهما. وأحبت صديقتها هانرييت ففجعها الموت بها؛ ثم هي تلقي لاروشفو كولد، وقد تقضى شبابه