وقرأ الناس قصة الأميرة ولهجوا بذكرها، وصارت أحدوثة الكتاب والشعراء والنساء في المجالس والأنداء والأسمار. ولقد كانت خليقة بأن تشغل الناس، لأن الأهواء التي تتضافر فيها على قلب امرأة غض، فتخيرها بين زوجها وحبيبها، تثير الدهشة والعجب. فهنا زوجها جاف القلب كما تراه، وهناك حبيبها يبدو لعينيها غزلاً بطلاً جميلاً. وأخذ الأدباء يسألون (بوسي رابوتان نقادة ذلك الزمان عن رأيه فيها. فكانت الرسائل تسرع إليه يسأله أصحابها: (أقرأت الأميرة دكليف؟ كيف رأيتها؟ هل أعجبتك؟)
إن فيها نزاعاً قوياً بين الحب والواجب لا يقوى عليه النساء، ونضالا عنيفاً قد يتخاذل دونه الرجال، وشرفا لا يذود عنه إلا من كان ذا عزم ومضاء. وبرغم ذلك، فإن الأميرة دكليف تغلبت على هواها ولم تضعف في نضالها، وحافظت على شرفها ونبالتها.
هانحن أولاء في قصر الملك هنري الثاني، نجد آنسة صاغها وصقلها الترف، كان اسمها (شارتر)، وكانت ذات ذكاء وأناقة وجمال. يتزوج بها الأمير دكليف، وكان نبيلا مهذباً فيحبها. ولكنه كان يعجز عن إظهار حبه لها، ولا يبرع في إغرائها وإرضائها، وكانت جياشة العواطف ملتهبة الإحساس، تتحرق على ذواق الحب؛ هذا الحب الذي سمعت به، ولكنها لم تعرفه، ولم تدر كيف يكون ولا أين تجده. وتقام في اللوفر حفلة يرقص فيها النساء والرجال، تحضرها الأميرة، ويحضرها الفارس (دنيمور زين الفرسان، وحلية الشبان، وأكثر رجال البلاط لباقة وأناقة. ويلمحها فيشخص إليها بصره ويفتن قلبه، ثم يسعى إليها فيتراقصان. وينظر إليها نظرات كلهن شباك وإغراء؛ فتهتاج وتضطرب، ثم تسارقه النظرات، فيخفق قلبها وتحمر وجنتاها، فتفر منه وقد علمت أنه الحب
وشغل الفارس خاطرها، فسهرت الليل، (وليل المحب بلا آخر). وذرفت الدمع (ودمع العاشق لا ينفد). إنه فارس فتان، كيف تصل إليه، وكيف يضمها بين ذراعيه!
وكتمت الأميرة حبها، وسعت للقياه. ولقد دعيت ليلة إلى حفلة رقص أخرى فاعتذرت عن