الذهاب، لأن فارسها لن يذهب إليها. واندفعت في الحب، ولكنها أجفلت ذات يوم، وقد بدا لها سوء ما صنعت. أتخون زوجها؟ إنه زوجها مهما كان من أمره، ولابد من الوفاء. وأفزعتها وخزات الضمير ولذعات الوجدان، وخافت العار، ولكن قلبها لج في شعاب الحب فظل وتاه. كيف ترضي قلبها الجامح، وكيف تفي لزوجها المطمئن؟ ولا تسل عن الأرق والسهاد، والأسى والبكاء، والحنين والأنين، والحسرات والآهات. لقد أحبته حباً صرفاً خالصاً. أفتجمع بين حبين، وكيف تغالب الوله وتدفع الشوق، وتفر من الحبيب؟
وقررت بعد عذاب ونصب، أن تحدث زوجها بحبها. وتسأله إن كان يرى في ذلك حرجاً
وتخلو الأميرة بزوجها. وإنه لمشهد من أروع مشاهد الحب. مشهد فيه من بطولة كورنيل ورقة راسين. إنها مفتونة بفارسها، والألم يفترسها، وإنه محب لها مطمئن إليها. هي تريد أن تخبره لئلا يمس شرفه، وهو يجهد كل الجهد لينجو من الوساوس، ويعلم أنها لن تخونه
لقد ظن أن صراحتها تدفعه إلى الإعجاب بها وإكبارها ولكن هذه الصراحة أنضجت في صدره الحقد والحسد والغيرة فما تكاد تحدثه بطرف خاشع، وقلب خافق، وعين دموع، حتى يشده ويبهت، ثم يصمت ولا يشكو، ويأس بعد أيام فيموت
وهاهي ذي الآن وحدها، قد خلا من كانت تخشى أن يعر شرفه. فلتسرع إلى فارسها الجميل، لتنعم بين ذراعيه؛ ولكن الأمر ليس كما ظنت. لقد سعى هو إليها، وتقرب منها فصدت عنه، وأراد أن يتزوج بها فطردته. لقد اعتقدت أن عليهما، هي وفارسها، التبعة في موت زوجها. وأن أحسن ما تكفر به عن ذنبها هو البعد عمن تحب. فاعتزلت الناس وعاشت وحدها. الحب في قلبها يهيج ويشتد، وهي تصبر وتتألم لا تستطيع أن تفرح القلب بالوصال. ثم تموت الأميرة حزينة، تحلم بالحب، وتفي للزوج
تلك هي قصة الأميرة دكليف تدور حول حب عنيف يبعثه الإعجاب بالفروسية والبطولة والجمال، ووفاء شديد يقتضيه الواجب وحفظ العهد؛ فيتغلب الوفاء على الحب، وتقضي الأميرة ينهشها الحزن ويذيبها الحنين، ويتحدث الناس عنها، ويتكلمون عليها، ولكنهم، جميعاً، يعجبون بها ويطرونها، ثم يرددون وهم يبتسمون:(ما أنبلها! لقد كانت أميرة شريفة)