هذا أن الفلاسفة لم تكن لهم فاعلية، بدليل أنهم عاشوا في عزلة عن المجتمع، ولم يفكروا في إقامة حكومة تحقق آمالهم في شرف الوجود
وسقراط أبو الفلاسفة لم يسلم عقله من الخضوع لمعبد أبو للون، وكان حاله عند الحكم عليه غاية في سوء المصير، فقد ظهر أنه لم يستطع خلق عصبية تحميه من القتل، ولم يكن تلاميذه وحواريوه إلا أنصاراً لا يجيدون غير البكاء
وكان هذا عيباً فظيعاً، لأن سقراط نشأ في عهود الفروسية، فلو كان فيلسوف متسقاً مع زمانه لجعل تلاميذه من الفرسان، في زمان لا ينتصر فيه غير الفرسان
أقول هذا وأنا أعرف أن استسلام سقراط للموت خلق صوراً شعرية قليلة الأمثال؛ فقد أوحى إلى أفلاطون ما أوحى، ثم كانت ترجمة فيكتور كوزان لأفلاطون موحية إلى الشاعر لامرتين بقصيد هو غاية في الروعة الجمال
الفلاسفة أصحاب فضل من جهة الفهم لا من جهة الفاعلية وبهذا ظلوا متخلفين عن قافلة الوجود
أنبياء ومرسلون
هنالك فرق بين النبي والرسول، والظاهر أن النبي رجل كامل من الوجهة الذاتية، بغض النظر عن المسئولية الاجتماعية، فبين وبين الفيلسوف الصادق تشابه في السلوك، مع فوارق سنفصلها بعد حين
أما الرسول فرجل مجاهد يرى من واجبه أن يستقتل في هداية المجتمع، وأن يرحب بالموت في سبيل الجهاد
وقد نجح الأنبياء المرسلون في هداية الشرق والغرب، فإليهم يرجع الفضل في إقامة الدعائم للحضارة الإنسانية
وهل من القليل أن يستطيع ثلاثة من الأنبياء المرسلين أن يسيطروا بالفكر والروح والعقل على الكثير من أقطار الشرق والغرب بأضعاف وأضعاف وأضعاف ما يسيطر الفلاسفة الثلاثة سقراط وأفلاطون وأرسططاليس؟