حياتنا إلا مرة واحدة في مأتم، ولسنا نطمع في صداقات جديدة بعد الذي بلوناه من صداقة السيد مندور، ولكننا مع ذلك نعرف العقاد ونقرأه من نحو ثلاثين عاماً وقد كتبنا عنه سنة ١٩٣٠، إذ هو سجين في ذلك الوقت، مقالاً تجفل منه الأبالسة، بالمجلة الجديدة قدرنا فيه العقاد الشاعر والعقاد الكاتب، مما كان سبباً في الأخذ بتلابيبنا في ذلك العهد الرجعي الأسود لا أعاده الله. . . ومع ذاك فنحن ما زلنا نقول إن العقاد خيب آمالنا فيه، وعسى أن يسعدها إن شاء الله، أما أن نقول إنه لا شأن له بالشعر، فنكون مجانين - نحن فقط دون تعريض بأحد - إذا لغونا بذلك مع من يلغون به. . .
والعقاد على هذا من (الشعراء الكبار الذين يعجبوننا) كما زل قلم السيد مندور في مقاله ليسجل على نفسه الداعي الذي دعاه إلى كتابة ما كتب. وفرق بين أن يتفقه المرء في أعاريض الشعر، وبين أن يكون شاعراً، أو أن تكون له موهبة تذوق الأشعار وإصدار الأحكام عليها
وسنأخذ قريباً إن شاء الله في نشر دراسات هادئة لكثيرين من الشعراء المصريين شيبهم وشبابهم لنبصر الذين كفروا بأمجاد الوطن بما ضلت أعينهم عن إدراكه من آيات العبقرية المصرية
وبعد. . . فإني أعتذر للقراء عما فرط به قلمي من لغو القول في هذا الحديث ولن أرد على لغو آخر قط.