للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

يستحق هذا المجهود، ولن يكون من أعلام الشعر بأي حال، فمن الظلم أن نحله ذلك المكان

قلت: ولكن البهاء زهير تفرد بالرقة بالتعبير، وتلك ظاهرة أدبية تستحق الالتفات

فقال لدكتور طه: الشعر العربي مظلوم من هذه الناحية، فالوعورة لا تغلب إلا على الشعر الجاهلي والشعر الأموي، ثم غلبت السهولة بعد ذلك على أكثر الشعراء

القول الفصل

هو القول الذي نطق به التاريخ الأدبي، فقد ثبت أن ديوان البهاء زهير ظفر بقبول لم يظفر به ديوان، فقد طبع عشرات المرات في مصر وفي غير مصر، وترجم شعراً إلى اللغة الإنجليزية منذ زمان، وقال مترجمه إنه قريب الروح من شعراء الإنجليز في القرن السابع عشر، ومعنى ذلك أنه انتقل من الصبغة المحلية إلى الصبغة الدولية، وهذا مغنم ليس بالقليل

والواقع أن في شعر البهاء نفحة عطرية لا نجدها عند أكثر الشعراء، فقد كان مرهف الإحساس إلى ابعد الحدود، وكانت قدرته على التعبير قدرة عاتية، لأنه استطاع أن يعبر عن جلائل المعاني بعبارات هي غاية في اللطف والإيناس

مشكلة المشكلات

هي مشكلة التعبير، ويعز على أن أقرر أن هذه المشكلة سيطرت على تأريخ الأدب العربي، ولم تظفر إلى اليوم بما تستحق من الحلول

ومرجع هذه المشكلة إلى اعتبار الجزالة أساس البلاغة في لغة العرب، فالكلام الجزل هو الكلام البليغ، الكلام الجدير بالانتساب إلى العرب الصرحاء

أما الكلام الرقيق فهو من أفانين المولدين، لأن الحضارة هي التي أوحت بالرقة واللطف، ولهذا استباح الدكتور طه أن يرتاب في كل شعر رقيق ينسب إلى العصر الجاهلي، كما تشهد نصوص كتابه الذي أثار الناس قبل سنين

وأقول بأن الدكتور طه لم يفطن إلى مقامات الكلام عند شعراء الجاهلية، وهي مقامات لا تعترف بوحدة الأسلوب، وإنما تلون الأساليب وفقاً لما توحي به شجون الأحاديث، فترى الجزالة هنا وترى الرقة هناك

<<  <  ج:
ص:  >  >>