من يحبذ رسم الخطط العلمية، لأن غرض العلم الأساسي، كما يجب أن يكون، خدمة المجتمع وسعادة الناس. ويرى هذا الفريق أن إرشاد العلماء وحشدهم في فئات مستقلة تدرس كل فئة منها موضوعاً بعينه يتقدم بالعلم خطوات فسيحة، ويحول دون أن تضيع جهود كثيرة عبثاً.
والذين ينكرون هذه الطريقة يعتقدون أن ضغط السلطة وفرضها أوامر متحكمة على العلماء يؤذي العبقريات ويخمد جذوتها المشتعلة، ويحرمهم من اختصاصهم الذي يلذ لهم ويشفعون به، وحجتهم أن التاريخ العلمي يوضح بجلاء أن العلماء الذين أفادوا البشر وخدموا الصناعة لم يقصدوا ذلك قبل أن يقصدوا لذتهم الخاصة وكشف الحقيقة قبل أي شيء آخر. وقد انتقل هؤلاء من بحث إلى آخر، كما تنتقل النحلة بين أزهار الرياض. فيجب أن يكون لكل عالم تفرده في البحث وحريته في اختياره كحريته في النشر والكلام.
وتدور اليوم معركة حامية في الكتب والمجلات بين كبار العلماء من أنصار الرأيين. ولا ينكر أن العلم المنظم قد نجح في روسيا نجاحاً باهراً؛ فهل يعني هذا أن تنظيم العلم ضروري؟ لعلنا نعود للجواب على هذا السؤال في بحث قريب.