وهو يرى الموت في العشق حياة، كأن يقول:
ما لَهُ أصبح عني معرضاً ... تحت ذا الأعراض من مولاي شيّ
أنا من قد مِتّ في العشق به ... هنِّئوني: ميّت العشاق حيّ
وغزل البهاء غاية في الرقة والعذوبة واللطف، وما أحلاه وهو يصور غيرته على من يهواه:
وأنزّه اسمك أن تمرّ حروفه ... من غيرتي بمسامع الجلاّس
فأقول بعض الناس عنك كنايةً ... خوف الوشاة وأنت كل الناس
وأغار إن هبّ النسيم لأنه ... مُغرًي بهزّ قوامك الميّاس
ويروعني ساقي المدام إذا بدا ... فأظن خدّكُ مشرقاً في الكاس
وما ورد (المطمع الممتنع) في الشعر العربي بأكثر مما ورد في شعر البهاء. أليس هو الذي يقول:
سيدي قلبيَ عندكْ ... سيدي أوحشت عبدك
سيدي قل لي وحدِّثني متى تنجز وعدك
أترى تذكر عهدي ... مثل ما أحفظ ودك
قم بنا إن شئت عندي ... أو أكن إن شئت عندك
أنا في داريَ وحدي ... فتفضَّلْ أنت وحدك
وأشعار البهاء تفيض بالمطارحات الغرامية، مع خفة الدم، ولطف الروح، وأنا أرجو أن يعفيني المتسابقون من إيضاح هذه الناحية، لأنها أوضح من أن تحتاج إلى إيضاح
ومن سمع الغناء بغير قلب ... ولم يطرب فلا يَلُم المغنَّي
وقد غنى البهاء وأجاد، فاسمعوه بالقلوب.
زكي مبارك