وبعد أن نعتذر للقراء من طول هذا الاقتباس الذي لم يكن منه بد ولا عنه معدى، نشرع في الدفاع عن أديبنا المصري الكبير توفيق الحكيم ضد هذا الكاتب (المودرنست) توفيق الحكيم، الذي وصف توفيقنا هذا الوصف المؤلم في تلك العبارة الصارمة المؤلمة. . . فالصورة وإن تكن حقاً في جملتها، إلا أنها مكتوبة في عبارات لا نحب أن يكتب بها توفيق الحكيم عن توفيق الحكيم. . . حقيقة إن توفيق الحكيم كاتب يحب المودرنزم لدرجة أنه لا يدخن لا لشيء معقول، ولكن لأن الناس يدخنون. . . فإذا امتنعوا عن التدخين أقبل هو عليه، ولو أنفق فيه جميع ثروته. وحقيقة إن هذا المودرنزم يحول بين توفيق الحكيم وبين تعرف حقيقة شخصيته في الفن والأدب، بل هو يفسد حسن فهمه للأشياء. وحقيقة إن نقاد المسرح الفرنسي قد أجمعوا على تفضيل درامات ما قبل موجة المودرنزم، وأنهم رأوها أجدر من غيرها بالبقاء. . . فهل يسمح لنا الأستاذ توفيق الحكيم بأن نوضح له سؤالنا الذي وجهناه إليه فلم يفهمه على وجهه، أو أنه التبس عليه، حتى أسرع فأرسل إلينا خطابه تصحيحاً للموقف، لأنه أيقن أننا شارعون في الكتابة عنه لا محالة؟ إذن فاعلم أيها الأديب الذي اصبح علما في الأدب المصري الحديث أن جميع آثارك الخمسة عشر هي من مذهب المودونزم أو مذهب الشذوذ على العرف، ومذهب (خالف تعرف!)، ثم هي مكتوبة لتقرأ ولمجرد الترف الذهني. . . هي فن للفن. ولولا أنني لم أعد أحب إزعاجك بتذكيرك بعداوتك للمرأة - تلك العداوة المطلقة - لقلت لك إن أصل هذه العداوة ليس حباً خائباً كما يزعم أصدقاؤك أو كما تزعم أنت عندما لطمك الحب على خدك الأيمن، بل إن أصلها هو هذا المودرنزم المضمر في مزاجك الخاص، فكل الناس يحبون الكمثرى (ورحم الله حافظ إبراهيم!) ولكنك لهذا السبب تحب الحنظل؛ وإذا عكسوا عكست! وكل عباد الله يستحمون في الشتاء بالماء الدافئ، ونحن نستنتج من المذهب الذي تأخذ نفسك به أنك تستحم، بل تستنقع في الشتاء في حوض (بنيو) مملوء بالثلج والبرد! لهذا، لا لغيره. . . سألناك لماذا لا تعتني بالتأليف للمسرح المصري كما نفهم هذا المسرح، وكما يفهم المسرح برنردشو، وكما يفهمه إبسن وبجورنسن والنقاد المحترمون الذين لم تعجبهم الروايات التي ألفت على قواعد المودرنزم. والتي شهدتها فأغرمت بها، لأنها صادفت هوى في فؤادك