للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

للأشياء ويحول دون تعرفي حقيقة شخصيتي في الفن والأدب. أنا أحب المودرنزم، وأخشى أن أقول لك إني أقلد أساليبه على الرغم مني. وهذا بالذات ما يخيفني ويدعوني إلى التريث حتى تهدأ عاصفة هذا الفن الحديث، ونعرف إلى أي حد يستطيع أن يثبت إلى جانب الأساليب التي اعترف بها التاريخ. لقد شاهدت في المسارح أخيراً قصصاً تمثيلية على طراز النزعة الحديثة، مثل قصة كما شاهدت قصص ما قبل الحرب مثل. . . وأطلعت على رأي النقاد في ذلك. أتدري ماذا فضل النقاد؟ إنهم فضلوا قصص (ما قبل موجة المودرنزم) ورأوها هي الخليقة بالبقاء

واسمع إليه يقول أيضاً ص ٥٢: (. . . إن خيالي مع الأسف ليس من نوع الخيال المثمر الذي خدم الشعراء والكتاب، بل هو من نوع الخيال المهلك الذي أضاع في وديانه السحيقة كثيراً من عاثري الحظ الذين حسبوا أنفسهم شعراء زمناً طويلا وهم ليسو بشعراء. ثم هنالك شيء آخر أخالك لم تلتفت إليه هو طبيعتي التي تميل إلى عدم الأخذ بما يأخذ به الناس جميعاً من أوضاع، هرباً من الوقوع في الابتذال وشغفاً جنونياً بالتمييز والإغراب. ففي لبسي لا أرتدي كما يرتدي الآخرون، ولا أدخن لأن التدخين عادة عامة. وربما دخنت لو انقطع الناس عن التدخين لا أهدي إلى حبيبتي الأزهار الجميلة ولا العطور اللطيفة بل أهدي إليها ببغاء في قفص. ولا أكتب إليها مباشرة عن الحب، بل أتبع طرقا لن يتبعها عقلاء الناس. وتسألني بعد ذلك لماذا أحب (المودرنزم)؟ أليس لأنه أقرب الفنون إلى الخروج على المتبع المألوف؟ لقد قالها أحد النقاد الحاقدين على هذا الفن الحديث: (إن أهل هذا الفن يأتون كل سخيف مهجور بحجة حرية الابتداع والتفنن في الابتكار). الواقع أني وجدت في هؤلاء، لا مأواي ومعقلي، بل وجدت كل طبيعتي وما تنطوي عليه من حمق وجنون، لقد وجدت على الأقل سنداً وأساساً لرغبتي المحرقة في الخروج على ما أسميه (المنطق العام))

واسمع إليه أيضاً يقول في ص ٩٧: (. . . إنك تعلم من غير شك أن لي منطقاً خاصاً يشط بي أحياناً عما اعتاده الناس، فإذا أنا في واد والناس في واد، ينظرون إلي ويقولون: إما أنه أبله وإما أنه فطن. لا أذكر في حياتي أن الناس حكموا علي غير الحكمين المتناقضين، ففريق ومنهم والدي يقول إنه أبله، وفريق ومنه والدتي يقول إنه فطن، ولم

<<  <  ج:
ص:  >  >>