استنتج الأستاذ كامل يوسف من أبحاثه في التصوف بأن أفكار الصوفية يشوبها الإبهام والغموض، وهو في نظره نقص في التعبير من علل نفسانية ولم يأتي لنا بدليل قوي يؤيد ما ذهب إليه في وصف تلك العلل وأثرها في عقلية المتصوفه
وأقوى دليل عندي على توضيح الغموض والإبهام في كلامهم هو: غيرتهم على طريق الله أن يدعي معرفتها أحد بالعبارة؛ فإن الكتاب يقع في يد أهله وفي غير أهله فقصدوا برمزها بقاءها في الوجود بعدهم تنوب عنهم في إرشاد المريدين. وقد هلك من لم يرمز كلامه من أهل الطريق ورماهم الناس بالكفر والزندقة؛ وأما أمر الحلاج والسهروردي بخاف علينا جميعاً. . .
قال بعض المتكلمين لأبي العباس بن عطاء: ما بالك أيها الصوفية اشتققتم ألفاظاً أغربتم بها على السامعين وخرجتم على اللسان؟ هل هذا إلا طلباً للتمويه وستراً لعوار المذهب؟ فقال أبو العباس: ما قلنا ذلك إلا لغيرتنا عليه لعزته علينا كي لا يشير بها غير أهل طريقتنا
وقد كان الحسن البصري وبعده معروف والسري السقطي والجنيد رضي الله عنهم لا يقررون مسائل العلم بالله تعالى إلا بعد غلق أبواب بيوتهم وأخذ مفاتيحها ووضعها تحت وركهم خوفاً من إفشاء أسرار الله تعالى بين المحجوبين عن حضرته. فهل نقول إن هؤلاء السادة عندهم علل نفسية!
وبالجملة لا يسلم لهؤلاء القوم مواجيدهم إلا من أشرف على مقاماتهم. ومن لم يصل إلى هذا المقام فتارة يسلم أحوالهم على كره منه، وتارة يجحدها مجملة. ولا يزال هذا الأمر في الخلق إلى يوم القيامة، وما دمنا جميعاً رائدنا الوصول إلى الحقيقة من أي طريق فنحن في جهاد وكفاح حتى يظهر الحق واضحاً
محمد منصور خضر
إلى قراء الرسالة
اطلعت في مجلة قديمة على قصيدة قوية المبنى رائعة المعنى لشاعر مغمور لم أسمع به من قبل ولم أقرأ شيئاً عنه، يدعى حسن حسني الطويراني. والغالب على ظني أنه أحد